الأحد، 26 أغسطس 2012

بوتين «السيليكوني» .. القتل عدة مرات لضحية واحدة

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")



''لكل إنسان يومه.. وبعض الأيام تكون أطول من غيرها''
ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الراحل

كتب: محمد كركوتــــي
لا جدال في أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرغب في قتل الشعب السوري أكثر من مرة. ولو حقن ''ودياناً'' من السيليكون في وجه (في إطار عمليات التجميل التي يُجريها دورياً، كأي راقصة أو مغنية)، لن يزيل ملامح القباحة عن هذا الوجه، ليس فقط عند الشعب السوري الحر، ولكن أيضاً عند أولئك الذين لا يزالون يفضلون الاختباء وراء موقفه، المعطِل لحماية السوريين من حرب الإبادة التي يشنها سفاح سورية بشار الأسد، والتي أطلق في إحدى مراحلها لواء خاصاً للتطهير الاجتماعي أيضاً. في الحرب يُقتَل المرء مرة واحدة، لكن في السياسة والاقتصاد يُقتَل مرات عدة. وبوتين الذي ضمن للأسد كل ما يحتاج إليه من سلاح (وربما منحه سلاحاً نووياً لو طلب ذلك) قبل الثورة وعززه بعدها، يضمن أيضاً لهذا السفاح سلاحاً، حتى بعد سقوطه الحتمي. فقد أراد للأسد أن ينعم بشيء من الانتصار، حتى لو انتهى هذا الأخير بحفرة أو في ماسورة مجاري، أو في منتجع إيراني أو روسي أو حتى زيمبابوي. ومن المفارقات أن هذا النوع من السقوط الحتمي، يتوازى واقعيةً مع نوعية التحالف الشيطاني بين قائد لمافيا سياسية اقتصادية عسكرية، وسفاح لشعب بأكمله.
قبل عدة أشهر، سمح بوتين للمافيا الروسية التي يقودها مرة.. وتقوده مرات، أن تشتري كميات هائلة من الذهب الذي نهبه الأسد وعصاباته من احتياطي الشعب السوري. ولم الاستغراب؟ هل للمسروقات أفضل من ''سوق'' تسيطر عليها العصابات، ويحكمها ''تجار'' يحملون مسدسات مكتومة الصوت؟ لم يبق في سورية الآن جرام واحد من ذهب الشعب. بل أن شبيحة الأسد (قطاع الطرق)، لم يتركوا جراماً واحداً من ذهب في المنازل التي هدموها على رؤوس أصحابها في مختلف المدن والمناطق في البلاد، والبيوت التي احتلوها، بعد أن تمكن ساكنوها (المحظوظون) من الفرار والهرب في كل الاتجاهات. لقد ذَهَبَ ذَهبُ الشعب وأفراده أيضاً!
بوتين أيضاً، وفي سياق قتله للسوريين أكثر من مرة، شجع من لا يحتاج إلى التشجيع (الصين) لشراء شيء من سندات الخزينة التي لا يزال الأسد يسوقها بحثاً عن مزيد من الأموال، لسرقة بعضها أولاً، ولتمويل حرب الإبادة، خصوصاً بعدما توقفت الإمدادات الإيرانية المالية الشيطانية لهذا السفاح، بسبب الخراب الاقتصادي الذي تعيشه إيران، بينما لم تنفعها وعود ونفحات المهدي المنتظر، للحد من هذا الخراب. ويبدو أن هذا المهدي مشغول بنفحات للأسد قاتل الأطفال وعدو الحياة، في الوقت الراهن. وماذا يفعل الرئيس الآتي إلى الكرملين على طريق تدوير السلطة قسراً؟ يسمح للمطابع الروسية بطباعة أوراق نقدية سورية لا سند ولا غطاء لها. وهذا يعني ببساطة، أن فاتورة ''مسروقات الأسد'' ستكون واجبة على الشعب السوري، حتى بعد أن يقع في أيدي هذا الشعب، في نهاية يتمناها كل سوري حر. ولا ننسى التسهيلات الاحتيالية التي يوفرها رئيس روسيا للأسد، في تهريب النفط السوري، مخترقاً العقوبات الغربية المفروضة على هذا القطاع. فقد عبر أتباع الأسد من ''المسؤولين'' صراحة عن سعادتهم في النفاذ من الحصار والاستمرار في تصدير النفط ومشتقاته، بالتعاون مع موسكو.
مهلاً، لم تكتمل عناصر القتل المستدام للسوريين على أيدي بوتين ''السيليكوني''. يريد هذا الأخير أن يتمتع بمعاناة الشعب السوري، حتى بعد أن يسقط الأسد. ولا بأس في أن يقوم بدور المصاص، فهو خبير بمكامن الشرايين. يدرس بوتين طلباً نقله إليه محمد جليلاتي وزير مالية الأسد للحصول على قرض بالعملة الصعبة. ولأن السلطة في سورية تكذب منذ أكثر من أربعة عقود، وفق منظور استراتيجي، لم يتردد هذا الوزير في القول ''لدينا احتياطات كافية من القطع - النقد - الأجنبي، لكن الظروف الحالية تتطلب وجود أموال إضافية''! حتى استراتيجية الكذب فرغت من مخزونها. كيف يمكن أن تكون هناك أموال كافية، ومعها الحاجة لأموال إضافية؟! الصحيح أن خزائن البنك المركزي ''السوري'' اسمياً والأسدي فعلياً، بدأت في تناقص مخزونها بصورة مذهلة، منذ انطلاق الثورة الشعبية العارمة في البلاد. وحسب التقديرات التي اتفقت عليها جهات محايدة، لا تحتوي هذه الخزائن في الوقت الراهن أكثر من ثلاثة إلى أربعة مليارات دولار أمريكي، على أعلى تقدير، هابطة مما يقدر بـ 18 مليار دولار!
ولأن القرض المطلوب مسروق سلفاً، كما بقية القروض والمساعدات والمعونات التي خُصصت لسورية منذ احتلال السفاح الأول حافظ الأسد السلطة فيها، وصولاً إلى ما تبقى لوريثه المغتصِب من أيام، فقد امتنع جليلاتي عن تحديد قيمة هذا القرض. فقط علينا أن نتخيل الشروط والقيود التي سيتضمنها أي اتفاق من هذا النوع، قبل أن نخمن حجم القرض. لقد أمن فلاديمير بوتين لنفسه انتقاماً متواصلاً من الشعب السوري خلال وجود الأسد، وبعد سقوطه وعصاباته. ستكون القروض والديون أداة غير عسكرية روسية لخنق شعب، يبحث حتى اليوم عن سبب مباشر لحقد شخصي من متجمل قبيح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق