الثلاثاء، 25 مايو 2010

المطلوب "نووي اقتصادي" ضد "سرطان" وول ستريت؟!


( هذا المقال خاص بجريدة " الاقتصادية")






" ما هي آخر مخدرات وول ستريت يا بني؟!"
الكوميدي البريطاني – الأميركي هيني يانجمان

 
محمد كركوتــي
 
لو كان هناك خلفاء لمجرمي سوق "وول ستريت" الأميركية، أو لـ " المُلهَمين" الاقتصاديين في هذه السوق، لفاز أركان الحزب الجمهوري الأميركي بـ "الخلافة"، عن جدارة لا وراثة، وعن أحقية لا سرقة، وعن قدرة لا واسطة. فقد أثبت كل ركن من هذه الأركان، بأنه "ولي عهد" لكل "مُلهَم" في "وول ستريت"، مسرح الجريمة الاقتصادية العالمية التاريخية الكبرى. كيف لا؟ والجمهوريون الأميركيون سابقاً وحالياً (وبالتأكيد لاحقاًً)، هم مَن حضر الجريمة ليرتكبها "المُلهَمون"، في سوق لم تجف الدماء فيها، وما زال أنين " الجرحى" يرجع الصدى حول العالم. لقد ابتكروا اقتصاداً – منذ مرحلة الرئيس الأسبق رونالد ريجان – احتقر القيم الإنسانية والأخلاقية، وعبَد المال بشقيه الوهمي والحقيقي. تركوا – منذ مطلع ثمانيات القرن الماضي – السوق تلتهم المجتمع بلا رحمة وبلا توقف. تركوا لها صنع القرار، ومنحوها صلاحيات وضع القوانين، وعندما كان أحد النواب أو المستفسرين، يسأل عن الحكمة وراء صدور هذا القرار ووضع هذا القانون، لم يكن يلقى إلا جواباً واحداً هو : أنت مُخرب، وفي أحسن الأحوال: أنت مُعطل!. لماذا؟ لأنه يريد الوقوف في وجه الازدهار والنمو، بصرف النظر إذا ما كان هذا الازدهار "فُقاعي" أو وهمي أو ورقي أو احتالي. فلم يسمع الجمهوريون – حتى صنيعتهم – المحتال التاريخي العالمي برنارد مادوف الذي قال: "إن وول ستريت هي مضمار حرب. فبمجرد استفادة شخص فيها، يُحرم فرد آخر من الاستفادة". ولمن نسي، فقد سرق مادوف قرابة 65 مليار دولار أميركي، من أموال عشرات الآلاف من المودعين في شركاته الوهمية.

رغم كل ما حصل ( ويحصل) على الساحة الاقتصادية الأميركية (والعالمية)، من جريمة "وول ستريت" الكبرى، وقف الجمهوريون ضد خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما الهادفة للإصلاح المالي، أو إصلاح ما يمكن إصلاحه في السوق المالية الأميركية "وول ستريت". حاولوا تدمير الخطة قبل أن تُطرح للحصول على موافقة مجلس الشيوخ الأميركي عليها، وحاربوها وهي داخل هذا المجلس. كيف لا يقاومونها؟ وهذه الخطة هي الأكبر على الإطلاق منذ ثلاثينات القرن الماضي، أي منذ الكساد العظيم، وهي ستساعد على التخلص من أدران اقتصاد قدَس المال، بصرف النظر عن طبيعته ومصدره وطرق جلبه. إنه اقتصاد أولئك الذين هاجموا ( بل وحاربوا) حتى الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت، الذي انتشل بلاده ومعها العالم من براثن الكساد العظيم، في أواخر عشرينات وكل ثلاثينات القرن العشرين.

لنرى ماذا يعارض الجمهوريون؟. إنهم يعارضون تعزيز متابعة القطاعات التي لا تحظى برقابة صارمة في "وول ستريت"، من بينها صناديق التحوط والمشتقات، كما أنهم يعارضون تقييد القطاع المصرفي، وخفض أرباحه على مدى سنوات. ويعارضون أيضاً، إنشاء وكالة لحماية المستهلك مادياً تابعة لمجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي). إنهم ببساطة يقفون ضد مصلحة الفرد الأميركي أولاً، وبقية سكان الكرة الأرضية، الذين يدفعون الثمن، في كل مرة يقع فيها "المُلهَمون" الاقتصاديون الأميركيون، وما أكثرها!. ولم تنفع تطمينات أوباما، وعدد كبير من الخبراء المستقلين، بأن الخطة التي ستشمل محاسبة المؤسسات المالية، لن تحد – بأي شكل من الأشكال – من حرية الأسواق.

الكوميدي الأميركي الشهير ويل روجرز يقدم – بسخريته المعروفة - أبلغ تعليق على المصيبة التي تصنعها السوق الأميركية دائماً، فيقول: " دع وول ستريت تصاب بكابوس.. فالبلاد كلها ستسعى إلى تهدئتها وإعادتها إلى السرير". والحقيقة أن خطة الإصلاح المالي، هي بمثابة انطلاق عملية علاجية لـ "سرطان وول ستريت"، الذي أصاب "الجسد" العالمي، بعد أن دمر "الجسد" الأميركي. فقد وجد فيها أوباما كما قال: "خطوة هامة ستعزز من اقتصادنا، وتمنع وقوع أزمة أخرى في المستقبل". لكنها عند الجمهوريين هي خطوة مدمرة. خطوة ستقتل أدبيات اقتصادهم، وستنزع من أيادي " المُلهَمين" الأسلحة التي يَقتلون بها، من غير أن يُدان واحد منهم!. ورغم مرور خطة الإصلاح المالي، بعد أشهر من المحادثات المضنية، تبقى الأسئلة الكبيرة كما هي. هل يلاءم هذا العلاج.. هذا "السرطان"؟ أم أن الأمر يتطلب استئصالاً كاملاً للكتل السرطانية؟ أم أنه لا أمل في العلاج أصلاً، وينبغي الانتظار إلى أن يفارق المُصاب الحياة ويدفن إلى الأبد؟. وهناك السؤال الأكبر، هل تكفي هذه الخطة، للقضاء على من تبقى من مجرمي السوق، لاسيما وأنهم لا يزالوا موجودين في الأرجاء، سواء بصورة مباشرة، أو عن طريق "تلاميذهم" الذين حملوا الراية من بعدهم؟.

حين كان الرئيس الأميركي يلقي كلمة أمام أكثر من 700 شخص تجمعوا في حديقة الورود في البيت الأبيض حول خطة الإصلاح، مر فأر متوسط الحجم أما الرئيس، لكن هذا الأخير واصل خطابه. وقد تبين أن الفأر الذي التقطته كل الكاميرات الموجودة، استطاع على مدى أسابيع أن ينجوا من محاولات قتلته من قبل موظفي البيت الأبيض. وعلى الفور طرحت وسائل الإعلام الأميركية سؤالاً خبيثاً، جاء على الشكل التالي : إذا كان البيت الأبيض ليس قادراً حتى الآن على مكافحة فأر، فكيف يستطيع الرئيس وموظفيه مكافحة "بارونات" ورجال "وول ستريت" الجشعين؟!. لقد سعى القطاع المالي ( ولا يزال) بكل ما تبقى لديه من قوة، إلى قتل خطة الإصلاح، من خلال حشد جماعات الضغط الجشعة، بل إن هذا القطاع ضخ ملايين الدولارات الأميركية، في إعلانات مناوئة لها، بغية نشر الرعب. لكن في النهاية ضاعت هذه الملايين - كما ضاعت المليارات قبل ذلك – وتم إقرار الخطة.

إنها خطوة هامة جداً إلى الأمام، ولو لا الأزمة الاقتصادية العالمية، لما شهد العالم مثل هذا التحرك، ولما طُرحت أصلاً مسألة بناء نظام اقتصادي عالمي جديد. فخطة الإصلاح الأميركية، لا يمكن أن تخرج عن خطة البناء العالمية. وأقول: بناء، لأن الدمار العالمي الذي تسبب به "المُلهَمون" الاقتصاديون عصي على الإصلاح. فما كان ينفع قبل الأزمة، لا يُفيد بعدها. إن المشكلة الأكبر التي ستواجه الإصلاحيين الأميركيين، هي إخراج "مجرمي" السوق منها. فهؤلاء يملكون آلاف الحيل للالتفاف حول أي خطة تنال من جشعهم وطمعهم، وأي قانون يهدف إلى إعادة الأخلاقيات إلى السوق. وإذا ما أراد باراك أوباما، إقناع العالم بجدوى خطته، عليه أن يُصفي مسرح الجريمة من المجرمين، الذين سيحاولون بكل الوسائل حماية ما تبقى من "أيديولوجية وول ستريت"، التي كان من المفترض أن تسقط في أعقاب اندلاع الأزمة الاقتصادية، ولو لم يكن هناك "مُلهَمون اقتصاديون حكوميون"، لسقطت هذه الأيديولوجية قبل وقوع الأزمة نفسها.

المسألة برمتها.. هي مسألة استئصال أكثر من كونها عملية إصلاح، وهي قضية أخلاق أكثر من كونها عمليات مالية. و"سرطان وول ستريت"، هو من النوع الخبيث، ما أن يتم القضاء على خلية منه، حتى تظهر خلية أخرى أعنف وأقوى، وأشد دناءة. إنه سرطان لا يقبل العلاج حتى بالكيماوي. لقد استخدمت الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية النووي. لتستخدم "النووي الاقتصادي" ضد هذا السرطان!.

الثلاثاء، 18 مايو 2010

لكي لا تكون أوروبا " ليمان برازرز" آخَر!


( هذا المقال خاص بجريدة " الاقتصادية")









" لدي الثقة الكاملة في مستقبل أوروبا، لأنه لدي الثقة الكاملة في متانة العلاقة الفرنسية - الألمانية "
الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك

محمد كركوتــي
 
     في ليلة ظلماء تُفتقد فيها حتى شمعة أو بصيص ما تبقى من جمرة أكلها الرماد ( لا البدر فقط)، وضع أحد موظفي السكريتاريا في الاتحاد الأوروبي في مكتبه ببروكسل أمامه سِجلْ الهواتف، وأخذ يتصل بوزراء مالية الاتحاد واحداً واحداً، ليستدعيهم إلى اجتماع تاريخي عاجل. لم يتأخر وزير عن هذه الدعوة، لأن أحداً منهم لا يمكنه أن يتحمل تبعات التأخير( فما بالنا بالغياب)، بما في ذلك وزير المالية البريطانية ألستر دارلينج ( بعدها بأيام فقد منصبه بفقدان حزبه الحكم)، الذي لم يكن يعرف إذا ما كان سيحتفظ بمنصبه هذا حين عودة من الاجتماع الأوروبي أم لا؟. فالانتخابات التي انتهت في بلاده قبل ساعات من ذلك الاتصال الهاتفي، نجح فيها الجميع، لكن أحداً منهم لم يتخرج!. استوت عند المفوضية الأوروبية دول منطقة اليورو، والدول خارج تلك المنطقة. الكل أوروبيون بالهموم والمسرات والأزمات الكامنة والعابرة. فالقضية تجاوزت كونها "أزمة يورو ومنطقته"، لتصبح "أزمة أوروبا" بمستقبلها وسمعتها ووضعيتها.. بل وبمصيرها. لا ترغب أوروبا في أن تصبح " تكويناً" لأزمة اقتصادية عالمية جديدة، بينما لا تزال للأزمة ( ما غيرها)، كلمتها في الحراك الاقتصادي العالمي، مع "جرحاها" الذين يئنون، و"قتلاها" الذين يدفنون. ولا تريد أوروبا، أن تكون بمثابة "ليمان برازرز" آخَر، أو " فاني ماي"، أو "فريدي ماك". فهي ليست مصرفاً "كاوبوي" النشأة والسلوك، أو مؤسسة تبيع الوهم، ولا هي الولايات المتحدة الأميركية، التي صدَرت في غضون سبعة عقود مجموعة من الأزمات، لو قسمنا عددها لـ "فاز" كل عقد من الزمن بواحدة (أو كارثة) منها. وهي – أي أوروبا - بالتأكيد ليست سوق "وول ستريت" التي حضَرت الجريمة وارتكبتها، ولم تجف بِركُ الدماء فيها بعد.

     الاجتماع الأوروبي العاجل، كان من أجل موافقة كل دول الاتحاد – لا بعضها- على خطة إنقاذ تاريخية تصل قيمتها إلى 750 مليار يورو ( ما يعادل تقريباً 1000 مليون دولار أميركي)، ليس فقط لمساعدة دول منطقة اليورو على مواجهة غول الديون الحكومية فيها، ومنع إفلاس بعضها، بل أيضاً من أجل احتواء أزمة "مطواعة"، قابلة للانتشار في العالم بأسره. إنها ببساطة حزمة من أجل إنقاذ الإنقاذ!. هي حزمة لنجدة.. النجدة!. لم يحدث في تاريخ الاتحاد الأوروبي تخصيص أموال بهذا الحجم الهائل. إنها أموال الخوف من انطلاق أزمة عالمية، من ضفاف البحر الأبيض المتوسط ( اليونان وأسبانيا.. وحتى إيطاليا)، أو من سواحل الجانب الأوروبي للمحيط الأطلسي (البرتغال). فيكفي العالم والتاريخ انفجار أزمة من الجانب الأميركي لهذا المحيط، لا تزال طلقاتها متواصلة.

     بالأمس.. كانت المصارف والمؤسسات المالية وغيرها من المؤسسات التجارية والصناعية، أما اليوم فقد جاء دور الدول. لا.. ليست دول مثل الصومال أو زيمبابوي أو نيجريا، إنها دول العالم الذي كان أولاً. دول كانت مانحة لا متلقية. دول "تنظير" اقتصادي، كانت تمارس دور "الأخ الأكبر" الذي يعرف مصلحتك، فعليك أن تواصل الصمت أمامه!. ولأن الأمور لم تعد كما كانت (ولن تعود)، بات الإنقاذ يشكل العامل الأول في الحراك الاقتصادي العالمي، وفي مقدمته الأوروبي. وعلى العالم أجمع، أن يعيش حياة تستند على النجاة، لا على النمو، مهما بلغت توقعات المتفائلين من إيجابية. فإذا كانت أوروبا ( بجلالة قدْرها)، لا تقوى على الاستمرار إلا بخطط إنقاذ مولودة من خطط إنقاذ أخرى، فكيف الحال بالنسبة لبقية دول العالم، التي تعيش على الإنقاذ حتى في أزمنة الازدهار؟!. إنها وضعية لم تحدث من قبل، وإن كانت مرشحة للحدوث في المستقبل، إذا ما استمر التباطؤ في بناء نظام اقتصادي جديد، يأخذ في الاعتبار "منتجات" الأزمة العالمية، لا "منتجات" الحرب العالمية الثانية.

     إن خطة الإنقاذ الأوروبية.. لأوروبا، منحت هذه القارة سنداً جديداً، ليس فقط لدول فيها غارقة في الديون على ضفاف البحر والمحيط، بل لمصير الاتحاد الأوروبي ( يضم 27 دولة) نفسه. فالإنجازات التي تحققت في هذا الاتحاد على مدى خمسة عقود تقريباً، يستكبر الأوروبيون تدميرها في غضون أشهر، بسبب أزمة اشتركوا – بلا شك – في ارتكابها، لكنهم ليسوا مُفجريها. إنهم بالتأكيد يحصدون ما زرعوا، وسيواصلون هذا الحصاد، إلى أجل أجد من الصعب العثور على حكيم يستطيع تحديد زمن له. وعلى الرغم من أهمية وضرورة خطة الإنقاذ هذه، إلا أنها ليست "هدية عيد الميلاد"، ولا هبة، ولا منحة لا ترد. إنها مشروطة بقواعد، ولكنها ليست كتلك التي خصصت لليونان. فهذه الأخيرة حصلت على 110 مليار يورو، مع "مليار" (ربما) من الإهانات، لاسيما الألمانية منها!. الخطة الأوروبية الهائلة المشتركة مع صندوق النقد الدولي ( الـ تريليون دولار )، لن تُستخدم في منح القروض إلا عند الضرورة، مع شروط صارمة تلزم دول منطقة اليورو ( تضم 16 دولة) باحترامها.

     ولكي "أوفر" على أصحاب القرار الأوروبي "الجهد" في استكشاف الضرورة، أقول لهم: باشروا في عد النقود التي ستخصصونها – عاجلاً وليس آجلاً – لاسبانيا والبرتغال، ولا بأس في أن تجهزوا المال أيضاً لإيطاليا المرشحة للانضمام إلى "النادي الأوروبي للدول المَدِينة"، في أي وقت من العام 2010. وقبل هذا وذاك، أعدوا العدة إلى مرحلة عدم الاستقرار السياسي في الغالبية العظمى من دول الاتحاد الأوروبي. فعندما تنفذ شروط الدَين، سيزول ما تبقى من شعبية حكومات المنطقة، حيث يعاني قادتها أصلاً من اضمحلال الثقة بأحزابهم التي يحكمون بها. ولينظر الأوروبيون إلى شمالهم فقط، ليتأكدوا من هذه الحقيقة.. لينظروا إلى بريطانيا، التي تحكمها اليوم حكومة ائتلافية بين حزبين لا يلتقيان أصلاً، لأول مرة منذ العام 1974. لماذا؟ لأن الناخب البريطاني فقد الثقة بحكومة العمال، ولم يجد في الوقت نفسه حزباً يستحق الأصوات التي تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده!.

     في الدول النامية، كان تدخل صندوق النقد الدولي فيها، يمثل إهانة وطنية عند حكوماتها، وهو ليس كذلك عند مواطنيها. اليوم يلعب هذا الصندوق دوراً أصيلاً في خطة الإنقاذ الأوروبية، لكن المفارقة، أن جزءاً كبيراً من أموال الصندوق تأتي من الدول الأوروبية نفسها!. أي أن المُنقذ، يقوم بإنقاذ نفسه ( تقريباً) بالواسطة!. فلم تستطع أوروبا ( بهالتها) أن تباشر بإنقاذ نفسها بنفسها، وقد أخفقت في إنشاء صندوق أوروبي يقوم بمهمة الدولي. وهذا الأمر يدفع إلى التساؤل، حول مفهوم الكبير، وإن كنا نعلم منذ ما قبل الأزمة مفهوم الصغير!. صحيح أن القوانين الأوروبية تمنع أصلاً البنك المركزي الأوروبي من أن يشتري ديوناً بشكل مباشر من الحكومات، لكن بإمكان هذا البنك الالتفاف على هذا القيد بشراء هذه الديون بشكل غير مباشر من البنوك. فحتى هذا المَخرج لم يمثل للاتحاد الأوروبي فرصة، لمعالجة مشاكله أوروبياً فقط.

     إننا نعيش تاريخاً على وقع اليوم الواحد، بل الساعة الواحدة. تاريخ يُصنع الآن. تاريخ تستوي فيه ( كما قال أبو الطيب المتنبي)، الأنوار والظلم!!.

الثلاثاء، 11 مايو 2010

أبحثُ عن زعيم أوروبي مبتسم!؟

( هذا المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")





" كسياسيين.. علينا أن نتعاطى مع حقيقة، أن غالبية الناس لا يشعرون بالانتماء إلى الاتحاد الأوروبي"
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل

 
محمد كركوتــي
 
تحديت أحد الزملاء من رؤساء التحرير، في أن يجلب لي – بمعاونة محرريه – صورة واحدة لزعيم أوروبي مبتسم، على أن لا يزيد تاريخها عن أربعة أسابيع فقط. قَبِل التحدي، لكنه عاد في مساء نفس اليوم، ليكتب إليَ: "لقد فشلنا يا عزيزي". وأضاف يقول:" لقد حاولنا العثور على صورة حتى لسيفليو برلسكوني رئيس الوزراء الإيطالي قليل المشاعر، لكن يبدو أنه طرأ بعض التغيير الإيجابي على مشاعره، فلم يبتسم"!. الواقع أن الخوف من الـ "أنفلونزا" اليونانية الاقتصادية، إلى جانب عبء الإنقاذ الأوروبي لليونان، نشرا ما يمكن تسميته بـ " مهرجان العبوس الأوروبي". هذا "المهرجان" ليس موسمي.. إنه تاريخي. إنه من ذلك الذي ينتشر، مع مشاعر الندم، من غبطة وُلدَت قبل استكمالها زمن التكوين الطبيعي. إنه "مهرجان" يشارك فيه الجميع قسراً، لا احتفالاً. إنه ليس كمهرجان " ريو دي جانيرو" المبهج، هو "مهرجان يورو الخوف"!.

الأوروبيون مرعوبون من "وباء" اليونان الاقتصادي. هذه حقيقة، لا تنفع معها التطمينات التي تصدر بين الحين والآخر. ولكن هل الاتحاد الأوروبي بشكل عام، ومنطقة اليورو بشكل خاص، منطقتان محصنتان من الأوبئة الاقتصادية؟. هل هاتين المنطقتين، معقمتان اقتصادياً؟. هل أن "الوباء" اليوناني المتوقع، سيكون العامل الوحيد للمصاعب والمشاكل والهموم الاقتصادية في أوروبا بشكل عام؟. باختصار، هل أن كل شيء في هذه القارة على مايرام؟. الجواب ببساطة هو: لا، ولا.. قوية جداً. فما تحصده اليونان حالياً، ستحصده البرتغال واسبانيا لاحقاً، إذا ما تُرك المجال للمشاعر الوطنية تتقدم على الواجبات الأوروبية. فقد بلغ الاتحاد الأوروبي – بشكل عام – مرحلة تحول فيها الانتماء الوطني، إلى شيء يشبه إلى حد ما " الانتماء الفاشي"، ولا بأس من شيء – ولو قليل - من "الانتماء النازي"!. وهذه المقاربة بالتحديد هي التي دفعت مجلة يونانية لوضع صورة على غلافها للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في بذلة عسكرية قتالية تقف أمام مبنى "الأكروبول" الشهير في اليونان، ومروحيات عسكرية تحلق أعلاها. وهو ما دفع أيضاً إحدى الصحف اليونانية لنشر مانشيت مُعبِر جاء فيه : ميركل تقول "سوف ندفع لكم، ولكن عليكم أن تنزفوا"!. ومضى نائب رئيس وزراء اليونان تيودورس بانجالوس، أبعد من ذلك، حين قال علانية: " إن موقف ألمانيا من بلاده يقوم على أساس (عنصري)، ومع حُكم مسبق بأن اليونان لن تفي بتعهداتها". انظروا ماذا قال أيضاً؟ : "إن ألمانيا لم تقدم التعويض المناسب لليونان عما سببته لها من أضرار أثناء الحرب العالمية الثانية"!. يا إلهي، بدأت أوروبا تنبش في الماضي الأليم لها وللعالم. إنها تستحضر بطريقة مباشرة مَن؟ الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر، ولا بأس من استحضار تابعه الزعيم الإيطالي الفاشي ببينيتو موسوليني، إذا ما كان يفي بالغرض!.

المشكلة التي تواجهها أوروبا اليوم، لا تكمن فقط بمشكلة اليونان وعملية إنقاذ هذا البلد من الإفلاس والانهيار، بل تكمن أيضاً في غياب مؤشر "انتماء أوروبي" واضح المعالم، واعتماده مرة واحدة وإلى الأبد. هل يريد الأوروبيون اتحاداً، يشبه "اتحاد" الولايات الأميركية، في مرحلة الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن وما بعدها؟. أم أنهم يرغبون باتحاد يسرح بين قوميات مضطربة، و "مواطنة أوروبية" مهزوزة؟. هل سيتركون المجال أمام ما اصطلحتُ على تسميته في كتابي " في الأزمة" (نشرته العام الماضي) بـ "القومية الاقتصادية"، التي خرجت من بطن الأزمة الاقتصادية العالمية، لكي تكون بمثابة الجراد الذي يُغِير على الحقول ويلتهم المحصول؟. أم أنهم سيقاومونه بمستحضر " المواطنة الأوروبية"؟!. إن الحالة الأوروبية الراهنة، تحتم إنقاذ أي غريق أوروبي، وبمعزل عن ذلك سيسحب إلى القاع، كل ما يرتبط معه مباشرة، بل وسيهدد حتى ذاك الذي لا يرتبط ارتباطاً مباشراً معه. ويكفي إلقاء نظرة سريعة على أداء السوق الأميركية التي انخفضت انخفاضاً تاريخياً، وأسواق آسيا التي تعيش تحت ضغط المخاوف من انتقال عدوى الأزمة اليونانية إلى دول أخرى في منطقة اليورو.

نقول العدوى اليونانية؟ نعم. فالمدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس يرى – على سبيل المثال – أن خطة الإنقاذ الأوروبية – الدولية لليونان ( الأوروبيون سيدفعون 80 مليار يورو، وصندوق النقد سيدفع 30 مليار) وُضعت أصلاً، لتفادي انتقال العدوى، إلى بقية الدول الأوروبية، لاسيما تلك المؤهلة للإصابة في أي وقت. فهو يعتقد – ومعه العالم أجمع – بأن خطر العدوى موجود دائماً، وينبغي أن يتحلى كل طرف بيقظة كبيرة. ولذلك تحولت دولة مثل ألمانيا، من معارض شرس لتقديم المساعدات والعون إلى اليونان، إلى مؤيد لتقديمها، مع شراسة في تطبيقها، وموجات من الإهانات المتواصلة. المندفعون نحو الإنقاذ، لا تهمهم الإهانات الألمانية لليونان، ولا المظاهرات التي عمت الأرجاء اليونانية (بما في ذلك القتلى الثلاثة الذين راحوا ضحية المظاهرات). المهم بالنسبة إليهم، أن لا تتسبب بلاد الإغريق في انهيار "إمبراطورية" منطقة اليورو، وتزعزع مكانة الاتحاد الأوروبي.

الفاتورة المالية عالية بلاشك، لكن الفاتورة المعنوية ستكون أعلى بالتأكيد، والفاتورة المرتبطة بالسمعة والتاريخ، ستكون باهظة بصورة غير محتملة، لأي عضو في منطقة اليورو، إذا ما تُركت اليونان لمصيرها. ومن أجل ذلك أشرك الأوروبيون الكبار، حتى صغارهم في عملية الإنقاذ، بل وحتى أولئك المهددين بالمصير اليوناني، مثل أسبانيا ( دفعت 9,79 مليار يورو) والبرتغال ( دفعت 2,06 مليار). ألمانيا سددت المبلغ الأكبر ( 22,4 مليار)، ودفعت معها مالطا، مبلغاً كبيراً جداً بالنسبة لها، حتى وإن كان مجرد سبعين مليون يورو على مدى ثلاث سنوات!. إنها عملية إنقاذ لليونان، وحصانة ضرورية للبيت الأوروبي الكبير، حتى وإن تمت بوجوه عابسة، خائفة، مرتعدة، غاضبة.

لقد أثبتت الحالة اليونانية، أن للاتحاد – أي اتحاد – تكاليف في الأزمنة العادية السلسة. وله تكاليف هائلة في أوقات المحن والأزمات. وأعطت الأوروبيين درساً، ما كانوا ليفهموه، لولا الأزمة الاقتصادية العالمية، التي جعلت من اليونان دولة على حافة الانهيار الشامل، وتهدد – حتى الآن – دولاً، كانت يصعب قهرها. هذا الدرس ينحصر في ضرورة التروي في توسيع نطاق منطقة اليورو، وأهمية أن تكون الواقعية، هي المحرك الأساسي لمخططات التوسيع. ولذلك أرى صعوبة ( إن لم أقل استحالة)، في مواصلة توسيع هذه المنطقة، في المستقبل المنظور، لأن الأزمة والمشكلة اليونانية غيرتا شروط العضوية، أو على الأقل جعلتاها أكثر صعوبة. وعلى هذا الأساس، تطالب ألمانيا بتغيير "ميثاق الاستقرار" بين دول منطقة اليورو، كدرس من الأزمة اليونانية. فهي تعرف، ومعها أولئك الذين لا يزال لديهم مساحة للتفكير، أن انسحاب اليونان (حسب بعض الاقتراحات التي طُرحت)، أو أي دولة أوروبية من منطقة اليورو، لن يؤدي إلا إلى شيء واحد فقط، هو نهاية اليورو نفسه!. وهي نتيجة لا يمكن لأحد أن يتحملها، سواء أكان عابساً، أم ضاحكاً!.

الجمعة، 7 مايو 2010

نجحوا.. ولم يتخرجوا!!





" يفوز الرجال والنساء بالانتخابات، لأن الناس يصوتون ضد أحدهم، ولا يصوتون مع أحدهم"
الكاتب الأميركي فرانكلين آدامز

 
 
محمد كركوتــي
 
حسناً.. إنه برلمان معلق في بريطانيا. فالناجحون ( المحافظون) لم يتخرجوا، ولم يحصلوا حتى على درجة مقبول، ولن يرددوا أغنية عبد الحليم حافظ " الناجح يرفع إيدو". فأيادي قادة هذا الحزب "تحك رؤوسهم"، بحثاً عن قناعة ( واقتناع) بائتلاف – لا مفر منه - مع حزب الديمقراطيين الأحرار، سيؤدي إلى "زواج" لا تناغم فيه، من حيث المبادئ، لا من جهة اللعبة السياسية. "الأحرار" غير الناجحين بالدرجة التي كانوا يرغبون فيها، هم أشبه – في هذا الزواج – بالبنت القاصرة التي زُوجت برضاها، لا على طريقة ما يجري في عمليات الزواج المشابهة في اليمن وبعض البلدان العربية الأخرى، وإن تشابهت بعمر الفتاة فقط. حزب العمال الحاكم حتى إشعار آخر، أصبح مثل الثور الجريح الذي يجره حصان خارج حلبة المصارعة. فلا يضمن له البقاء في السلطة – بصرف النظر عن طبيعة بقاءه وقوته وتأثيره – إلا الزواج من حزبين وأكثر، وهو أمر لا يضمن لمثل هذه الزيجة الاستمرار، وبالتأكيد لن ينتج ذرية!.

إنه مشهد غريب، لم تشهده بريطانيا حتى في العام 1974، عندما فشل إدوارد هيث ( المحافظ) في تشكيل حكومة ائتلافية، مع حزب الأحرار آنذاك، مما أفسح المجال أمام هارولد ويلسون (العمالي)، لتشكيل الحكومة. وعلى الرغم من النتائج المُربكة للانتخابات البريطانية العامة لعام 2010، والصادمة لقادة الأحزاب ( ديفيد كاميرون، وجوردون بارون ونيك كليج) إلا أنها أتت بمعاول تشكيل سياسي جديد على الساحة. تشكيل لا يشبه ( ولن يشبه) سابقه. هو تغيير كان من المفترض أن يأتي ضمن نطاق الممارسة السياسية العادية، إلا أن الأحزاب التي تناوبت على الحكم، لم تقدم عليه. لماذا؟ لأن من مصلحتها أن يبقى النظام الانتخابي على ما هو عليه، فضلاً عن أنه من النادر أن يُقدِم حزب ما على مثل هذا التغيير، إذا ما كان في السلطة. فمثل هذه التغييرات لا تثار عادة، إلا من صفوف المعارضة. لقد فرضت ضرورات التغيير نفسها في هذه الانتخابات، التي خيبت آمال الجميع دون استثناء، بما في ذلك حزب الديمقراطيين الأحرار( خسر خمسة مقاعد على الأقل)، الذي يُمسك بزمام التشكيل الحكومي. فالصغار بات لهم صوتاً مسموعاً، وإن كان خافتاً.

برلمان معلق، قد لا يدوم طويلاً. لكنه سيكون بمثابة الطلقة الأولى، لبدء سباق التغيير في المنهج الانتخابي في بريطانيا، بحيث سيضمن للأحزاب الصغيرة في البلاد، تمثيلاً أكبر، وسيحرر المملكة المتحدة، من قبضة قطبية الحزبين. وسواء نجح زواج الرجل الهرم من الطفلة الصغيرة، أم لم ينجح، فهو سيطرح القضية ويضعها على الطاولة، وسيجبر الحزبين التقليديين على التغيير المنهجي لا السياسي. التغيير الذي سيقدم لبريطانيا منهجاً " شاباً"، ليس فقط قادة شبان لأحزاب هرمة.

الثلاثاء، 4 مايو 2010

حكومات مرعوبة.. ووكالات تصنيف معطوبة!

( هذا المقال خاص بجريدة " الاقتصادية")










" يستحيل نفي الخوف. لكن يمكن تهدئته من دون ذعر، ويمكن تخفيفه بالأسباب والتقييم"
العالِم الأميركي فانيفار بوش

محمد كركوتــي

تستطيع الدول الخاضعة لتصنيفات متدنية والمذعورة من وكالات التصنيف، ، أن تلجأ إلى التاريخ السيئ والسمعة الأسوأ، للغالبية العظمى من هذه الوكالات، التي ساهمت بصورة مباشرة في ارتكاب الأزمة الاقتصادية العالمية، عندما طبقت المثل المصري الشهير "عملوا البحر طحينة" بحذافيره!. فقد صنفت مؤسسات وشركات ( لاسيما المالية منها)، كان حراكها أدنى من أن يُصنف أصلاً، وكانت وسط أمواج هائلة متلاطمة، تركها القائمون عليها لمصيرها!. وتستطيع الدول نفسها، أن تقول: " مهلاً.. أليست هذه الوكالات هي من رفع– على سبيل المثال - مصرف "ليمان برازرز" الأميركي إلى أعلى قمة، بينما كان في الواقع يقبع في أبعد نقطة من القاع المالي؟!". ويمكنها أن تقول أيضاً: " أليست هذه الوكالات هي نفسها، التي لم تضع إشارة سلبية واحدة، على الأعمال الاحتيالية التاريخية للمحتال العالمي برنارد مادوف، الذي سرق 65 مليار دولار أميركي، وأوقع ضحايا مالية يُعَدون بعشرات الآلاف من البشر؟!". وأيضاً أليست هي من صنف مصرف "جولدمان ساكس"، على أنه المؤسسة المالية التي لا يرقى إليها الشكوك، بينما يستحق هذا المصرف كل الشكوك؟!. أليست هي من قيَم مصارف انهارت بعد قليل من حصولها على تصنيف جيد؟! أليست هي من منح مؤسسات أصدرت سندات عالية المخاطر مطروحة في سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية، أفضل درجات التقييم "إى إى إى"، مما جعل المستثمرين يتسارعون للحصول على هذه السندات، لتتبخر بعد ذلك عشرات المليارات من الدولارات الأميركية، لا الزيمبابوية؟!.

تستطيع الدول المرعوبة من التصنيف، أن تعرض عشرات (بل مئات) البراهين، على أن وكالات التصنيف هذه، كانت ( ولا تزال) بحاجة إلى من يُصنفها، ويُخرج السيئ منها من السوق، لإبعاده عن اللعب بسمعة المؤسسات أو الجهات الخاضعة للتصنيف. لقد كانت وكالات تنفع لكل شيء، إلا التصنيف والتقييم!.

يقول الأديب الأميركي – البريطاني ريموند تشاندلير:" إن النقد ( أو التصنيف) السليم يستند إلى مقاييس التوقع والتقييم للموضوع. والنقد المريض يُبقي المحترف خارج نطاق النقد". وينطبق هذا بصورة كبيرة على الوكالات المذكورة، التي رفعت من تريد، لأنها تريد، لا لأن "المرفوع" يستحق هذه الرفعة، بل لأن مصالحها الخاصة، كانت تستوجب ذلك. ولم تتذكر ( وربما لم تسمع) ما قاله الأديب الأميركي الشهير مارك توين. ماذا قال؟: " أن تستحق التقدير ولا تحصل عليه، خير من أن تحصل عليه دون استحقاق". وقد حصلت مؤسسات على تقديرات لا تستحق حتى على واحد في المائة منها، وصنعت أزمة (كارثة) تستحق أن تخضع للمحاكمة التاريخية عليها!.

على الرغم من أن التاريخ المشين لوكالات التصنيف، يوفر مساحة للتشكيك بها وبسمعتها وسلوكياتها وعملياتها الاحتيالية، إلا أنه لا يعفي الدول من حقيقة أوضاعها الاقتصادية المريعة، ولا يمنح هذه الدول مساحة للالتفاف حول هذه الحقيقة. والواقع أن الأوضاع الاقتصادية لدول كانت تتبختر بأنها لا تقهر، ودول تُقهر سواء تبخترت أم لا، لا تحتاج إلى وكالات تصنيف أو تقييم، لكي تستعرض الحقائق، بل والمصائب. فالفرد الأكثر بساطة في هذه الدول، يستطيع أن يعي ويحدد مسار اقتصاد بلاده، ليس من خلال تحليلات ( أو فزلكات) اقتصادية معقدة، بل عن طريق إلقاء نظرة واحدة فقط على حقيقة معيشته اليومية. و "غول" التصنيف الائتماني، سواء أتى من وكالة تصنيف، أو من فرد بسيط، ينشر الرعب في أوساط الحكومات، التي تعيش في خوف مستمر، ليس فقط على اقتصاداتها المتداعية أو المتعثرة أو الهشة، بل على وجودها في الحكم. ففي أوروبا، تعيش اليونان اليوم، ذعراً تاريخياً بمستوى عِتق عمرها. وتعيش البرتغال وأسبانيا، ذعراً أقل وطأة، لكنه متسارع الحركة نحو الأعلى. والمصيبة أن غول وكالات التصنيف، بات يستحوذ على الحكومات، أكثر مما يستحوذ عليها، هَم الفرد العادي في بلدانها!.

ولأن الوضع هكذا، أصبحت الوكالات الائتمانية العالمية تُحدث صدمة تلو الأخرى في أسواق المال، وقد أدى تقييم الوكالات الائتماني السلبي للدول الغارقة في بحار من الديون، في إثارة المزيد من الذعر في أسواق المال المتوترة أصلاً، من فرط سيطرة فكي الأزمة الاقتصادية العالمية على الحالة العامة. الأوضاع الاقتصادية المتردية، التي تعتمرها الديون، أعادت وكالات التصنيف إلى الساحة، لتستعرض عضلاتها مرة أخرى، وذلك من خلال موجات الذعر التي تدفع بها في جميع أنحاء العالم. المنتقدون يوجهون اللوم، وأحياناً يقومون بالهجوم ضد هذه الوكالات، لأن تقييمها السلبي لدول بعينها، جاء في توقيت سيء. فتقييمها لليونان – مثلاً- أتى وسط سباق مع الزمن من أجل توفير مساعدات بالمليارات من اليورو لهذا البلد، الأمر الذين يعتبره المنتقدون بمثابة صب الزيت في النار. بماذا ترد الوكالات المعنية؟ تقول: " إنه لا يجوز حجب الأخبار السيئة لاعتبارات سياسية". وعلى الفور يطالب المنتقدون بضرورة " كسر نفوذ الجهات المصنِفة لقدرة الدول المَدينة على الوفاء بالتزاماتها المالية".

والحقيقة أن الشيء الوحيد الذي يُحسب لوكالات التصنيف، أنها أعلنت – ربما للمرة الأولى – بعدم جواز حجب المعلومات التي تحمل " أخباراً سيئة"، لأسباب سياسية. والشيء الطبيعي الذي تعودنا عليه، أن تنفي الحكومات ( بل وتسعى) المعلومات التي لا تخدم مصالحها السياسية، أو تقلل من زخم الفواجع التي تتضمنها هذه المعلومات. ويكفي التذكير هنا، بأن صندوق النقد الدولي، أعلن مطلع العام الجاري صراحة، أن موظفيه تعرضوا مع الأزمة الاقتصادية، إلى مزيد من الضغوط من قبل الدول الأعضاء ( يبلغ عدد أعضاء الصندوق 186 دولة)، لتصحيح أو شطب فقرات من تقاريره حول اقتصادات هذه البلدان. ومضى الصندوق أبعد من ذلك حين أعلن أيضاً " أن الأزمة سببت مؤخراً صعوبات إضافية في تطبيق سياسة الشفافية"!. وهذا يعني ببساطة، أن السياسيين لا يردون سماع الحقائق. لكن المشكلة التي تواجههم، هي أن الحقائق واضحة المعالم، ومعروضة للعيان، سواء حاولوا حجبها أو التقليل من آثارها السلبية الخطيرة، حتى في ظل الاتهامات الموجهة لوكالات التصنيف، بأنها لا تفرق كثيراً بين ما تراه رأياً وما تسوقه على أنه تقديرات حسابية لا تحتمل الخطأ.

من الواضح أن دور هذه الوكالات، لم يعد يمثل أساساً لتحرك المؤسسات الدولية، أو بعض الدول، لإنقاذ اقتصادات دول أخرى. وقد تجلى ذلك في كلام المدير العام لصندوق النقد الدولي دومنيك ستراوس. فهو يرى في مفاوضاته مع المسؤولين اليونانيين، من أجل قيام صندوقه تقديم حزمة من مساعدات مالية لليونان، ضرورة ألا تؤخذ آراء وتصنيفات الوكالات على محمل الجد. الأمر الذي يُحمِل المسؤولين في اليونان اليوم، وفي دول أخرى قد تواجه نفس المصير غداً، مسؤولية عمليات التمويه التي قد يقومون بها، حفاظاً على ما تبقى من استقرارهم السياسي. فلا يمكن أن تُحل أزمة ديون الدول بالنفي أو بتكذيب من يقول الحقيقة، حتى لو كانت وكالات التصنيف نفسها.

إن الصدق هو أساس الحلول، بصرف النظر عن مستقبل الحكومات.


السبت، 1 مايو 2010

كتاب جديد لـ محمد كركوتي يُشَرِح الأزمة الاقتصادية العالمية



زوبعة خارج الفنجان
نمو+ فقاعة X فساد – مسؤولية = أزمـــة


• لولا الضرورات المهنية لنُشر الكتاب بعنوان فرعي ثان " المال يتكلم.. ويشتم أيضاً"
• النظام القديم وضع السوق كـ "آلهة" وعبدها، وهاجم كل من يشكك في "إلوهيتها"!.

• "المُلهَمون الاقتصاديون".. كانوا إقصائيين وخطاءين و"قطاع طرق"!.
• الأخلاق والضمير.. مفردتان نكرتان في عالم احتقر المجتمع، وتعاطى معه كـ "عبد لمسرح الجريمة"!
• عرفنا أن الكبير لم يكن سوى جبل من ورق، وأن الصغير ليس إلا تلة يحطمها عصفور!
• كلفت الأزمة العالم – حتى نهاية العام 2009 – أكثر من 11,9 تريليون دولار أميركي.. فلم يعد المليار دولار رقماَ صادماً!
• حتى القائمين على "مهرجان كان" السينمائي، استبدلوا الشمبانيا بالقهوة، لضيق ذات اليد!
• أزمة أتت بمعاول التكوين، مثلما جلبت معاول التدمير!
• المطلوب "مَصنع" عالمي لـ "صناعة الثقة"، يُنتجُ نظاماً أخلاقي التكوين.

أبوظبي : الاقتصادية

صدر للكاتب والإعلامي محمد كركوتي كتابه الثاني في غضون عام واحد عن الأزمة الاقتصادية العالمية، بعنوان عريض غير تقليدي هو "زوبعة خارج الفنجان"، وعنوان فرعي استخدم فيه مقاربة حسابية على الشكل التالي " نمو+ فقاعة X فساد – مسؤولية = أزمة". ويقول كركوتي في تقديم كتابه :" لولا الضرورات المهنية لأضاف كلمة ( جشع) إلى عنوانه الفرعي، وبذلك تكتمل صورة الأزمة، بأوضح رؤية.. لكن بأقبح منظَر". ولو استطاع أن ينشره بعنوانين فرعيين، لأضاف "المال يتكلم .. ويشتم أيضاً". فالعنوان الأول يكمل الثاني، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وأخلاقياً. يصدر هذا الكتاب، عن "مركز الإمارات للدراسات الاقتصادية" الذي يتخذ من أبوظبي مقراً له، استكمالاً لكتابه الأول "في الأزمة"، حيث يعرض الكارثة الاقتصادية، بحقائقها ومصائبها، بصدماتها وبديهياتها، بجرائمها و"جُنَحها"، بعنفها الكبير و"فجورها" الأكبر. ويرى كركوتي، أنه على الرغم من الانتعاش الهش أحياناً، والمقبول أحياناً أخرى، إلا أن هذه الأزمة ستبقى مستحقة للعديد من الكتب والبحوث والدراسات العربية لفهم جوانبها بصورة أعمق، ولكن بصورة يسيرة الوصول. أما لماذا يسيرة الوصول؟ فلأنها ضربت بأعاصيرها، كل شيء وأي شيء. أصابت رؤساء دول ومؤسسات قيل أنها لا تُقْهر، وأصابت أيضاً عمال التراحيل وأسواق بدائية تُقْهر على أي حال!. خصوصاً وأنه لم يتم العثور على ناجين في هذه الأزمة، أما جرحاها فسيظلون لزمن طويل يعيشون آلام الجراح.

الأزمة تحدث الآن
ويعتقد الكاتب، أن الأزمة تحدث الآن، طالما أن عمليات التحفيز والإنقاذ والإسناد الحكومية متواصلة، وطالما شددت المؤسسات الدولية الكبرى وفي مقدمتها " صندوق النقد والبنك الدوليين"، على أن توقف هذه العمليات يهدد كل خطوة نحو الانتعاش. والمصيبة أن الانتعاش الحقيقي المرجو، لا يوجد "على الناصية"، وليس قريباً من الآمال. فحتى المتفائلين يتحدثون عن خمس سنوات أخرى، لخروج الاقتصاد العالمي نهائياً من " الزجاجة"!. فالأزمة التي انفجرت في القطاع المالي – المصرفي، وصلت شظاياها إلى مناطق في هذا العالم، لم تعرف بعد بوجود مصارف، وأماكن لا يزال " اقتصادها" قائم على المقايضة!. يضاف إلى ذلك، أن الأزمة ستواصل " حدوثها الآن" طالما ظل العالم بلا نظام اقتصادي جديد، يستبدل بصورة كاملة ذلك النظام، الذي حضَر أزمات لكل عقد تقريباً على مدار سبعة عقود من الزمن. كان – ولا يزال - نظاماً طبقياً متحرراً من كل الضوابط، لاسيما الأخلاقية منها. كان نظاما استبدادياً، وضع السوق كـ "آلهة" وعبدها، وهاجم كل من يشكك في هذه "إلوهيتها"!.

الهموم التي أضحت مستقبلاً
تضمن "زوبعة خارج الفنجان" ثمانية فصول، تناولت كل الجوانب التي نالت الأزمة منها، بما في ذلك الجوانب التاريخية والسلوكية والأخلاقية والإنسانية. ويقول كركوتي في مقدمة كتابه :"جمعت الأزمة الاقتصادية مفردات كنا نسمعها عادة فرادى أو اثنتين مع بعضهما البعض على أكثر تقدير. لكنها وصلت إلينا مجتمعة ومتشابكة ومتناغمة.. ومعبرة أيضاً عن الحقيقة الأكثر غرابة من الخيال!: نمو، جشع، طمع، فقاعة، فساد، غش، وهم، احتيال.. بالإضافة – طبعا- إلى المفردات الثابتة: فقر، جوع، بطالة، مرض، كوارث، مصائب، آلام، أُميَة، عنجهية، فوقية، طبقية". ويتابع المؤلف :" سمعنا عن دول قيد الانهيار، وأخرى (ثملت) منه!. رأينا الأمل كيف تحول إلى تاريخ أمام أعيننا، وشهدنا الهموم كيف أضحت مستقبلاً!. عرفنا أيضاً، أن الكبير لم يكن سوى جبل من ورق، وأن الصغير ليس إلا تلة يحطمها عصفور!. ويسخر كركوتي من مرتكبي الأزمة ومجرميها بتشبيههم بـ " المُلهَمين" ويقول: " إنها أزمة كاملة، تماماً كالجريمة الكاملة. ومثلما يستطيع المجرم في هذه الأخيرة، الإفلات من العقاب، استطاع مجرمو الأزمة النجاة منه. تركوا مكاتبهم ومؤسساتهم، وتركوا العالم يُحصي عدد ضحاياهم!. لم يكونوا اقتصاديين.. بل كانوا إقصائيين.. لم يكونوا مخطئين.. بل كانوا خطاءين. لم يكونوا مسؤولين.. بل كانوا قطاع طرق"!.

سرطان "وول ستريت"
حمَل الكتاب – كما حمَلت كل الأمم – بورصة "وول ستريت الأميركية المسؤولية الأولى. ويصف المؤلف هذه الأخيرة بـ " السرطان" وبأنها كانت مسرح الجريمة، لكن الأدلة عمت كل الأسواق. وطرحت السؤال المستمر إلى الآن وإلى ما بعد: أين الأخلاق"؟!. ويقول:" تسألون عن الأخلاق؟! هل كانت موجودة وضاعت؟ أم أنها لم تصل أصلاً إلى ذلك المسرح الفظيع؟!!. الأخلاق والضمير.. مفردتان نكرتان في عالم احتقر المجتمع، وتعاطى معه كـ (عبد لمسرح الجريمة)، في بلد لم يتخلص إلا "منذ قليل" من آثام العبودية!. ويبدو أن هذه السوق لا ترغب في أن تتعلم، ولذلك فإنها عرضة – إلى الآن – لانتقادات شديد وهجوم أشد، لمحاولاتها ممارسة الألاعيب، التي كانت السبب المباشر لأعنف أزمة عرفها التاريخ البشري، حتى أنها فاقت أزمتي " الكساد الطويل" والكساد الكبير"، لماذا؟ لأنها كانت أكثر شمولاً على الصعيد العالمي، وأشد دناءة على الصعيد الاجتماعي. ويعرض المؤلف نماذج من "قتلى الأزمة و"وجرحاها": المصارف، المؤسسات المالية، الجمعيات السكنية، الأسواق (البورصات)، المشتقات المالية، شركات التأمين، الاستثمارات الخارجية، التحويلات المالية، المساعدات، صناديق التحوط، الصناديق السيادية، الحكومات، الخزائن العامة، الموازنات العامة، التنمية، الإنتاج، التجارة، الصناعة، البشر، العمالة، الجمعيات الخيرية، شركات السيارات، السياحة، التعليم والبحث العلمي، مجموعات الدول الكبرى والصغرى، وكالات التصنيف، المجتمع الدولي، الإعلام، الأخلاق، الضمير. ويقول كركوتي :" لم ينجو أحد!!. وحتى القطاعات المرشحة للنجاة، أجَلت الأزمة نجاتها لأجل يُحسب بالسنوات!. لقد ضربت الأزمة العالمية مفاهيم الركود نفسها".

التكاليف
يتناول " زوبعة خارج الفنجان" تكاليف الأزمة مالياً وإنسانياً. ويقول كركوتي: " كلفت الأزمة العالم – حتى نهاية العام 2009 – أكثر من 11,9 تريليون دولار أميركي، من بينها أكثر من 4,5 تريليون دولار هي عبارة عن خسائر مصارف ( تقديرات الخسائر العربية تحوم حول 2500 مليار دولار).. والخسائر لن تتوقف في المدى المنظور. لقد قزَمت الأرقام الكبرى، فلم يعد المليار دولار رقماَ صادماً. وينقل عن الرئيس الأميركي باراك أوباما قوله:" إن أسوأ ما في العاصفة انتهى، غير أن الدمار لا يزال باقياً". وكان البنك الدولي واقعياً عندما أعلن للعالم أجمع بأن آثار الأزمة "ستؤدي إلى تغيير المشهد العام بالنسبة للتمويل والنمو، على مدى السنوات العشر المقبلة"!. العجز في ميزانيات الدول يتفاقم، وعدد الجياع في العالم بلغ 1,02 مليار بشري، وعدد الذين فقدوا وظائفهم في غضون عام تقريباً أكثر من 65 مليون إنسان، والشركات تتخلف عن سداد ديونها، وفي الولايات المتحدة تم إغلاق أكثر من 150 مصرفاً في عام واحد فقط، وتحويلات العمالة تقلصت، ومساعدات الدول المانحة تراجعت، وعمليات تشغيل الأطفال ازدادت، والجرائم البشرية والالكترونية تعاظمت، وحالات الانتحار في أماكن العمل بلغت 28 في المئة. في أوروبا انتقل ما لا يقل عن 17 في المئة من سكان القارة تحت الفقر. شركة الطيران البريطانية " برتيش إيروز" طلبت من موظفيها العمل مجاناً، وحتى القائمين على "مهرجان كان" السينمائي، استبدلوا الشمبانيا بالقهوة، لضيق ذات اليد!.

ويقول المؤلف : "للمرة الألف ربما .. هذه الأزمة لا (ولن) تشبهها أخرى. هي أزمة أتت بمعاول التكوين، مثلما جلبت معاول التدمير. طرحت لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، ضرورة إنشاء ( وليس إصلاح) نظام اقتصادي عالمي جديد. نظام لا يشبه "بريتون وودز" الذي قام في أعقاب الحرب الثانية. نظام يوفر أدوات لإنشاء مصنع عالمي لـ (إنتاج الثقة). (مصنع) عصي على الإغلاق، ينتج سلوكيات اقتصادية ومالية جديدة، تقوم على ما هو موجود في الواقع، لا على ما هو وهم في الخيال. نظام لا يفرز أحداً، ولا يجامل أحداً أيضاً. نظام أخلاقي التكوين".

الكتاب
كَتب الغلاف الأخير لـ "زوبعة خارج الفنجان"، الذي وُضع بلغة تصل إلى الجميع - على اختلاف شرائحهم - الزميل ناصر الظاهري، وصمم غلافه الزميل كركوتي نفسه، الذي استعان بلقطة شهيرة لكوكب الأرض من المجال الجوي للقمر، وزعتها قبل أكثر من أربعة عقود وكالة الفضاء الأميركية ( ناسا)، وكتب عليها " كرة أرضية للبيع"!. واستخدم المؤلف نفس الآليات التي استخدمها في كتابه الأول " في الأزمة"، مع بعض الفوارق القليلة. فقد عزز موضوعاته ببيانات وإحصائيات ودراسات، مثلت أساساً له، وحرص على التحري الدقيق لمصادرها. كما أنه "استحب" فيه مواصلة نشر المقولات التاريخية والمعاصرة ( المأثورة وغير المأثورة)، كمقدمات لموضوعاته. والشاعر الاسباني غارسيا لوركا حل مكان الشاعر التشيلي بابلو نيرودا في الصفحات الأولى، وقدم الأزمة "كاريكاتيرياً" بدلاً من تقديمها "بصرياً"، ووجد مناسباً – كما جاء في تقديم الكتاب - نشر بعض عناوين الصحف العالمية الكبرى، التي قدمت أبلغ تعبير عن الأزمة، وبعض أغلفة المجلات العالمية الكبرى أيضاً التي لم تكن أقل بلاغة. ولأن أقوال السياسيين والاقتصاديين باتت مكررة -وأحيانا متناقضة، وأحيانا أخرى بلا معنى – فقد حلت مكانها مجموعة منتقاة من النكات العالمية، التي وفرت بسمة حارقة تتلاقى مع "نارية الأزمة".

ويرى كركوتي أنه وضع "زوبعة خارج الفنجان"، كتاباً مكملاً لكتب عربية أخرى، تساهم في تكريس حقيقة أن أحداً ليس محصناً في هذه الدنيا، وأن الذي يرغب بالنجاة، لن يفوز بقاربها إذا ما ظل بعيداً عن معرفة أماكن وأسرار صُنعِها.

الكتاب : زوبعة خارج الفنجان

الناشر: مركز الإمارات للدراسات الاقتصادية

عدد الصفحات : 476

القطع: متوسط

السعر : أربعون درهماً إماراتياً