الثلاثاء، 22 يناير 2013

مزلقان الحكم

(المقال خاص بجريدة "الجماهير" المصرية)









كتب: محمد كركوتـــي


الحق على المرشد. لا، الحق على الشاطر. لا، الحق على مرسي. لا.. لا الحق على الثلاثة مجتمعين. هؤلاء الثلاثة لديهم ما يقولونه أيضاً: الحق على مبارك! .. الحق على فلوله! بل: الحق على عبد الناصر والسادات. وهم مستعدون لرمي الحق على الخديوي اسماعيل نفسه! لكن هناك في مصر من يقول: الحق على الأربعة الأول (المرشد، الشاطر، مرسي، مبارك).  على اعتبار، أن ما وَرَثه مبارك من مصائب (ومصاعب) حافظ الثلاثة الآخرون عليها! وفي أحسن الأحوال فشلوا في التخلص منها، أو أُخفقوا في الوصول إلى آليات تدمرها وفي استراتيجية (ولو نظرية) تخفف من محنها قبل تدميرها. وفي كل الأحوال، فإن صدى الاتهامات  الموجهة لمرسي وأركانه المُعينين، وأولئك "المتعاونين"، يظل هو الأعلى، ويبقى الصدى الأكثر وصولاً. لماذا؟ لأنهم ببساطة هم وحدهم يملكون مفاتيح الحكم، ومعها مصنع القرارات.
إنه "مزلقان" الحكم بالنسبة لمرسي وأركان جماعة الإخوان المسلمين، وبسببه تنهال عليهم المصائب، تماماً كما المصائب التي تنهال على الشعب المصري، من مزلقانات القطارات. كان على مرسي، أن يقرأ فقط ما كتبه أحد المصريين بظرافة وبراءة في آن معاً على صفحته على "الفيس بوك"، لكي يفهم الحالة السياسية التي "ابتكرها" والتي ارتضاها لنفسه. المصري الظريف-الحزين، جاءت مشاركته على صفحته على شكل إقرار موقع من ركاب القطارات، يعلنون فيه "أنهم يقطعون تذاكرهم وهم بكامل قواهم العقلية، وأنهم هم وحدهم يتحملون الأضرار (التي سيصابون بها) الناجمة عن الحادث الذي سيقع حتماً"! لقد وقع مرسي و"إخوانه" على إقرار مشابه، لكن ليس لركوب القطارات التي أصبحت محطاتها الأخيرة في المزلقانات، بل لتسييرها وتسيير البلاد معها. فما عليهم سوى أن يتحملوا الأضرار الناجمة عن إقرارهم.
ومن هنا تكتسب الاتهامات الموجهة لهم صداها الأعلى الصارخ. فـ "مزلقان" الحكم لا يزال قديماً وإن تجدد العابرون من خلاله، بل لنقل: المنتهون فيه. عندما ورث الألمان بلادهم من مدمرها هتلر، لم يقولوا: الحق على هذا الأخير. وكذلك الطليان الذين أعادوا بناء روما، لم يقولوا: الحق على نيرون. وحتى عندما استرجعت ألمانيا الغربية، شطرها الشرقي بمصائبه وهمومه وخرابه وانهياراته، لم يقل المسترجعون:الحق على إريك هونيكر حاكم ذلك الشطر. وهؤلاء كلهم أتوا إلى الحكم عبر طريق سياسي عريض واضح المعالم، لم يأتوا إليه بـ مزلقان" سياسي. يضاف إلى ذلك، أن الجودة السياسية لهؤلاء، لا تقارن بالجودة السياسية (إن وجدت أصلاً) عند مرسي ونظامه.
إن أفضل طريقة لنجاح الإخوان المسلمين في حكم مصر، أن يتحول الشعب المصري كله، إلى "شعب سري". على اعتبار أنهم متخصصون في العمل السري، بل هم "فلاسفة" له. لكن هناك مصيبة كبيرة تواجههم. فإذا كان كل شيء في هذه الدنيا قابل لأن يكون سرياً، فالشعوب تبقى الاستثناء الوحيد، والشعب المصري بالتحديد. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق