الأربعاء، 3 مارس 2010

ندوة "الإعلام الاقتصادي العربي.. ما له وما عليه"


المنامة: وكالات
أقيمت في الحادية عشرة صباح الأربعاء 10 فبراير 2010 بقاعة أوال في فندق الخليج، ندوة "الإعلام الاقتصادي.. ما له وما عليه" التي أدارها الإعلامي محمد كركوتي رئيس تحري مجلة " الاقتصاد اليوم" وكبير مستشاري قناة سي إن بي سي عربية، وشارك فيها كل من الدكتور أحمد الغامدي مستشار وزير البترول للشؤون الاقتصادية بالمملكة العربية السعودية، والدكتور زكريا هجرس الرئيس التنفيذي لشركة الوطن للصحافة والنشر بمملكة البحرين، والدكتور فهد بن جمعة الكاتب والإعلامي الاقتصادي بالمملكة العربية السعودية.

وفي مستهل الندوة أوضح كركوتي أن الإعلام الاقتصادي لا يزال جديداً على الساحة العربية، ولا تزال تجاربه لم تنضج بعد، وقد ثارت حول مدى مهنتيه العديد من التساؤلات خاصة بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة، ما طرح أسئلة عدة، حول مدى الإفصاح عن المعلومات، خاصة أن الأزمة الاقتصادية طالت العديد من المجالات منها المجالين الإعلامي والفني.

وأضاف أن سؤالاً آخر يثور حول مدى توافر الكوادر المتخصصة المؤهلة في مجال الإعلام الاقتصادي، معتبراً أن المهرجان أقدم على خطوة جيدة بإفراد ندوة متخصصة عن الإعلام الاقتصادي، وإدخال البرامج الاقتصادية في مسابقات المهرجان.

البترول والإعلام

وفي روقته بعنوان أثر الإعلام الاقتصادي في توجهات الشعوب (دور الإعلام في تأجيج الأزمات البترولية أنموذجاً) أوضح الدكتور أحمد الغامدي أن القطاع البترولي يعتبر أحد أهم القطاعات الإستراتيجية على المستوى العالمي. فالبترول سلعة إستراتيجية ذات أهمية محلية وعالمية، وتؤثر بشكل مباشر في حياة المواطن العادي وفي كافة قارات العالم. وأكد الغامدي أن التاريخ أثبت أن اتخاذ القرار في هذا القطاع يرتبط بشكل قوي ومباشر بما ينشر عنه في الوسائل الإعلامية المختلفة، خاصة في أوقات الأزمات السياسية والاقتصادية، مشيرا أن للوسائل الإعلامية دور كبير في حالة عدم استقرار أسعار هذه المادة الإستراتيجية من حيث نشرها لأحداث السوق والصناعة البترولية وبالتالي ما يتبعها من تأثيرات على الأسعار صعوداً وهبوطاً. منوهاً بأثر الحملات الإعلامية الغربية السلبية خلال فترة السبعينيات تجاه الدول المنتجة وخاصة دول منظمة الأوبك وخاصة الدول العربية الأعضاء فيها، وبدوافع سياسية نتيجة لمقاطعة بعض الدول العربية لتصدير بترولها لبعض الدول الغربية التي ساندت إسرائيل بشكل مباشر في الحرب العربية الإسرائيلية لعام 1973م، مما أدى إلى الدعوة إلى إنشاء وكالة الطاقة الدولية في عام 1974م كمنظمة تمثل الدول المستهلكة والدفاع عن مصالحها في مجال الطاقة. كما أخذ البترول موقعاً مميزاً واهتماماً إعلامياً على المستوى العالمي خلال فترة الثورة الإيرانية والحرب العراقية الإيرانية وانخفاض صادرات هاتين الدولتين مما ساهم في ارتفاع أسعار البترول العالمية بنحو ثلاثة أضعاف. ولقد كان لهذين الحدثين وتزامنهما مع ظهور فكرة قرب نضوب البترول بمثابة الجائزة للإعلام الغربي المعادي للشركات البترولية والدول المنتجة وبالذات دول الشرق الأوسط، منادياً بالبحث عن المصادر البديلة وعدم الاعتماد على هذه الدول كمصدر موثوق للإمدادات. ولفت الغامدي إلى أن الارتباط الوثيق بين وسائل الإعلام المختلفة وقطاع البترول اتضح مع ظهور الأسواق الآجلة في نيويورك ولندن خلال فترة الثمانينيات بحيث أصبحت هذه الأسواق بمثابة الأساس في تسعيرة البترول على المستوى العالمي. هذه الأسواق تعمل على مدار الساعة، ويعتمد المتعاملون فيها على المعلومات والأخبار المباشرة السريعة التي تتناقلها وسائل الإعلام، ما سبب في زيادة التنافس بين الوسائل الإعلامية المختلفة لنقل الأخبار لهذه الأسواق بحيث أصبح للثانية الواحدة قيمتها في بث الخبر. كما ساهمت هذه الأسواق في ظهور الإعلام المرئي الإخباري الذي يعمل على مدار الساعة وإنشاء أقسام متخصصة للطاقة في معظم محطات التلفزة العالمية ووكالات الإنباء، وظهور العديد من الدوريات الإخبارية على المستوى اليومي والأسبوعي لنقل الأخبار المهمة وبشكل عاجل للمشتركين، إضافة إلى تطورات الشبكة العنكبوتية واستخدامها إعلامياً.

الشفافية وصدق المعلومة

أما الدكتور فهد بن جمعة فقد كانت مداخلته حول "تأثير شفافية المعلومات على مصداقية الإعلام الاقتصادي العربي"، والتي أشار فيها إلى أن العالم العربي في السنوات الأخيرة شهد توسعاً في تنمية الإعلام الاقتصادي، وتناغماً مع أهمية التنمية الاقتصادية المستدامة ومؤشراتها في البلدان العربية التي أصبحت هاجس كل مواطن، وبرزت الحاجة الماسة لنقل تلك المعلومات الاقتصادية التي تقيس أداء القطاعات الحكومية والخاصة إلى الجمهور، من أجل رفع مستوى مشاركته في عمليات التنمية المتوازنة بين الأقاليم، ومنعاً لانتشار الفساد الإداري والمالي، الذي يؤدي إلى هدر الثروات مع غياب الرقيب، سواءً كان ذلك في قطاع المصارف أو أسواق المال أو العمل، -التي أصبحت ظاهرة البطالة أحد سماته- أو في الإنفاق الحكومي، أو في الاستراتيجيات والبرامج الاقتصادية التي تضعف فيها عمليات الإفصاح والشفافية عن المعلومات الاقتصادية الدقيقة، الأمر الذي جعل المواطن يبحث عن ضالته في الإعلام الاقتصادي بمختلف أنواعه، عسى أن يجد ما يروي غليله من معلومات متفائلة، لكن أكثر تلك المعلومات تكون -في معظم الأحيان- منقولة بشكل مغلوط وغير شفاف من المصدر، مما يُفقِد ذلك الإعلامَ مصداقيَّتَه، ويُضْعِف من أدائه، ويَحُدُّ من نُمُوِّه في المستقبل. واعتبر بن جمعة أن عمل الإعلام الاقتصادي يقوم على جمع المعلومات وتبادلها ونشرها، باستخدام أساليب البحث والتحليل الكمي، ووسائل التكنولوجيا المتقدمة، في عملية جمعٍ وتفحصٍ لتلك المعلومات من مصادر متعددة من أجل الإفصاح عن المعلومة الدقيقة التي تفيد القارئ والمشاهد على السواء، ليس هذا فقط بل يتعدى ذلك إلى تفسير تلك المعلومات، وتحديد الأهداف في ظل السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية السائدة والمتوقعة، وما سوف يتمخض عنها من قرارات تمس حاجات الاقتصاد والمجتمع ككل، بل يذهب بعيداً إلى تحديد الإخفاقات والنجاحات من أجل مكافأة من يقف وراء تلك الإنجازات ومعاقبة هؤلاء الفاشلين، وما قد ينتج من فساد إداري خلال تنفيذ العمليات الاقتصادية، لذا يعتمد الاقتصاد الإعلامي على نشر المعلومات الصحيحة والتنبؤ بالأحداث قبل وقوعها بناء على الأرقام والإحصائيات والنماذج الرياضية والدراسات والأبحاث، وتحليل وتفسير المتغيرات الاقتصادية داخل وخارج البيئة الاقتصادية لبلد ما، وهذا يجعل إعداد المعلومات الاقتصادية أكثر موضوعية ومصداقية، عندما يتلقاها الجمهور في عالم أصبح الاقتصاد هو المسيطر عليه، وهو الذي يحدد اتجاه سياساته واستراتيجياته ومكانته في نظر الموظف والمستهلك والمستثمر على حدٍّ سواء. وأكد على أن تحقيق مبدأ الشفافية يستلزم وجود المصادر المفتوحة والموَثَّقة، وبيانات الإفصاح المالي، وسياسات التشريع التي تدعم حرية الحصول على المعلومات عن الميزانية العامة والاقتصاد الكلي والجزئي، وما يتم اتخاذه من قرارات وسياسات اقتصادية تمس الأفرادَ والشركاتِ والاقتصادَ كَكُل، لذا تصبحففا المصداقية -بعد ذلك- من أهم الأدوات في مفهوم الشفافية، التي تتجسد في أمانة نقل المعلومة والتأكد من مصادرها، فلا يكفي مصدرٌ واحد أو وجهةُ نظرٍ واحدة, فكلما تعددت المصادر ووجهات النظر كلما ارتفع مستوى الشفافية طردياً، حيث إن كلمة مصداقية مشتقة أصلاً من كلمة الشفافية المبنية على تفحص المعلومة والتثبت من دقتها وسلامتها، لكي يتم نشرها بكل حيادية دون تعارض المصالح، حتى لا تستخدم المعلومة بشكل مُشوَّه بما يخدم مصالح خاصة.

وجاء حديث الدكتور زكريا هجرس حول إشكاليات الإعلام الاقتصادي العربي، حيث أوضح أن أهميته برزت في بداية ارتفاع أسعار النفط،، التي اتخذت أبعاداً سياسية، ثم ازدادت أهميته بعد سقوط النمور الآسيوية، وفي عام 2008 دخل الإعلام الاقتصادي مرحلة جديدة بعد ظهور الأزمة الاقتصادية، ما جعل المواطنين يهتمون بهذا النوع من الأخبار، ما اضطر القائمين على الغعلام الاقتصادي إلى التوجه إلى عموم المشاهدين والمستمعين والقراء بدلا من توجههم إلى النخبة فقط. ويرى هجرس ضرورة المزج بين الندرة في الموارد والبدائل المتاحة من جانب، ودور الوسائل الإعلامية في إبلاغ المعلومة، مشيراً إلى أن وظيفة الإعلام بشكل عام تتمثل في نقل الأخبار الهامة، وتحليلها، وتعبئة وإرشاد الأفراد، والدعاية. معتبراً أن الإعلام الاقتصادي نجح في الوظيفتين الأولى والثانية إلا أنه فشل في تحقيق بقية الوظائف المنوطة به.

وفي مداخلة للإعلامي السعودي خالد الجناحي أشار فيها إلى أن مخاطبة شرائح المجتمع المختلفة أصبحت ضرورة من ضرورات الإعلام المتخصص، داعياً الإعلاميين إلى تحري البحث عن المعلومة المدققة. ودافع الدكتور فهد بن جمعة عن فكرة توافر المعلومات، لكنه أشار إلى غياب القدرة على التحقق من مصداقيتها.

من جانبه اعتبر الدكتور أحمد الضبيبان مدير إدارة الإعلام والمطبوعات بالأمانة العامة لمجلس التعاون أن بعض الصحفيين يسعون إلى تلقي الأخبار الجاهزة دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتدقيق والتحليل للمعلومات التي يتلقونها، وهو ما يعد قصوراً في هذا الجانب، وأيده في ذلك الدكتور فهد بن جمعة مستدلاً بأن المواقع الإلكترونية ووكالات الأنباء العالمية مليئة بالمعلومات الاقتصادية، التي يتم نقلها حرفيا، حيث تكون في بعض الأحيان مليئة بأخطاء الترجمة، لتنشر عبر وسائل الإعلام العربية.

وأجمع العديد من الحاضرين على وجود رغبة حقيقية في التوصل إلى قوالب برامجية تتناسب مع طبيعة الإعلام الاقتصادي، بحيث تخاطب كافة شرائح المجتمع.





هناك تعليق واحد:

  1. في مقدمة المقال قرأت تلك المعادلة الرهيبة التي اوصلت هذا العالم الى هذا الدرك اقتصاديا .. الذكي في المعادلة هو تلك الاشارة الناقص أو اشارة الطرح .. المسؤولية .. هل تعني بأن لاوجود لمسؤولين عن هذا .. هنا يأتيني جوابك الشافي بأن لم يكن هناك اي شعور بالمسؤوليه اتجاه تلك المركبة التي لم تنفع مكابحها في ان تنزلق الى ماوصلنا اليه .. محمد العظيم .. لك كل الحب والتقدير

    ردحذف