الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

أسهل وسيلة عربية لخنق الأسد اقتصادياً

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")








"لكي نوقف القتل الأعمى الذي يقوم به نظام الأسد في سورية، سوف نواصل فرض المزيد من العقوبات على هذا النظام"
وليم هيج وزير خارجية بريطانيا

 
 
كتب: محمد كركوتــــي
 
ما أسرع وأسهل طريقة لبدء فرض عقوبات اقتصادية عربية على بشار الأسد وأسرته وأعوانه، في سياق تصاعد حدة الموقف العربي سياسياً وإجرائياً؟ الجواب جاهز لدى أي مراقب أو متابع، بل وأي فرد لا يعرف "فنيات" العقوبات، وهو تجميد أرصدة الأسد وأركان سلطته من السوريين، وأعوانه من غير السوريين. والأمر ببساطة يحتاج إلى كشف المصارف العربية، ما تخزنه من هذه الأموال المنهوبة، وجهود استخباراتية للكشف عن الأرصدة المالية التي خُبئت في حسابات وهمية، أو حسابات بأسماء أشخاص لا تمت بصلة ظاهرية للزمرة المستهدفة. وليس صعباً في هذه الأيام، أن تصل إلى هذه الحسابات، مع ظهور أدوات كشفٍ جديدة على الساحتين العربية والعالمية، لم تفرزها في الواقع (مع الأسف) ضرورات الكشف عن الأموال المنهوبة، بل أوجدتها القوانين والمعايير التي فرضتها الأزمة الاقتصادية العالمية. بمعنى آخر، لو لا هذه الأزمة، لبقيت الأدوات المشار إليها صدأة بلا جدوى.

وتجميد أرصدة سلطة تشن حرب إبادة ضد شعبها الأعزل، لا يحقق فقط الهدف الأول الآني، وهو قطع بعض الإمدادات المالية عن هذه السلطة، التي تستخدمها منذ تسعة أشهر لتمويل هذه الحرب، بل يوفر الأرضية المثلى (على الساحة العربية)، لإعادة هذه الأموال إلى شعب نُهبت منه على مدى أكثر من أربعة عقود، لتدخل (بعد الزوال الحتمي للأسد وأسرته وأعوانه)، في المهمة الكبرى، وهي بناء اقتصاد وطني حر نزيه، بعد عقود تحول فيها الاقتصاد السوري من وطني إلى أُسري، عن طريق اقتصادات "مبتكرة" فردية لم تحدث في التاريخ، وهي على التوالي: اقتصاد التفقير، واقتصاد الفقر وما دونه، واقتصاد "التشبيح". وعلى هذا الأساس، فقرار تجميد أرصدة الأسد، ليس لقهره وقهر سلطته اللاشرعية، وتجفيف منابعه المالية فحسب، بل للقيام بواجب إعادة حق مسلوب لشعب لم يتبقى له ما يملك.. إلا كرامته.

بات واضحاً، أن جزءاً كبيراً من أموال الأسد وزمرته، تحرك في الأشهر الماضية بين الدول، هرباً من موجات العقوبات الاقتصادية التي أطلقتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وعدد من الدول المؤثرة على الساحة الدولية، وصب قسم منها في بعض الدول العربية، وفي مقدمتها لبنان. والحقيقة أن هذه الأموال تحركـت، حتى قبل اندلاع الثورة الشعبية السلمية العارمة في سورية، باتجاه بلدان بعينها، هرباً من الملاحقات الأميركية (تحديداً) للأموال السورية المنهوبة. ومع معرفتي (ومعرفة الجميع طبعاً) بوجود حكومة "سورية إيرانية" في لبنان، إلا أن الدول العربية المؤثرة، وبالتعاون مع الدول الكبرى، تستطيع أن تعري أكاذيب المسؤولين المصرفيين اللبنانيين، بأنه لا توجد أموال سورية مهربة فيها، ويمكنها بعد ذلك (بالتأكيد)، أن تجبر هذه الحكومة المستقلة عن بلادها، على تجميد أرصدة الأسد وأعوانه. ولعل من المفيد الإشارة، إلى أن ما بين 20 و23 مليار دولار أميركي، هُرِبت من سورية إلى لبنان في الأشهر الأربعة الأولى للثورة الشعبية السلمية في البلاد.

أما فيما يتعلق بالدول العربية، التي تبذل حالياً جهوداً مضنية، للوصول إلى مجموعة من العقوبات تفرضها على الأسد، دون أن تطال الشعب السوري الذي يعيش ظروفاً معيشية مريعة، حتى قبل ثورته، فإن قوائم الأشخاص الذين يستحقون تجميد أرصدتهم جاهزة، وقد وردت بصور متتالية في العقوبات المتلاحقة الأميركية والأوروبية. أي أن الأمر لا يحتاج لمزيد من الوقت والجهود الاستخباراتية، لتحديد الأسماء الناهبة لثروات ومقدرات السوريين. وبعد ذلك، تستطيع الدول العربية بمجلس "جامعتها" الاقتصادي والاجتماعي، مدعوماً بالمجلس الوزاري "لـلجامعة"، أن تتفرغ لوضع قائمة عقوبات اقتصادية "ذكية" على السلطة في سورية، مستفيدة أيضاً من بحوث واستنتاجات الأميركيين والأوروبيين بهذا الصدد، الذين استفادوا وتعلموا في الواقع، من فوضى العقوبات التي فرضوها على العراق في عهد صدام حسين.. تلك العقوبات التي نالت من الشعب العراقي، دون أن تنال من المُستهدَف نفسه. بمعنى آخر، أن عقوبات اليوم، لم تعد كعقوبات الأمس. فهي خاصة محددة وقاصمة لمعذبي الشعوب، لا للمعذَبين.

ورغم "ذكاء" العقوبات الجديدة و"تهديفها" المصوب، فإنها تفقد "ذكائها" وهدفها نهائياً إذا ما طال أمد بقاء السلطة (أو النظام) المُستهدَف. فالصرامة الاقتصادية لن تحقق غاياتها، إلا بصرامة سياسية أقوى.. وفي بعض الحالات، إلا بصرامة ميدانية.

مرة أخرى، ليس أسهل وأسرع على العرب حالياً، سوى إطلاق حملة تجميد أرصدة الأسد وأعوانه وأسرته، وهم (أي العرب) يملكون غطاءً أخلاقياً لا أحد يستطيع الدخول في جدل حوله. لينظروا إلى الثروات السورية المنهوبة على مدى أكثر من أربعين عاماً، ليراجعوا كيف أمكن لشخص واحد في سورية (رامي مخلوف ابن خال الأسد الابن) السيطرة على ما بين 60 و65 في المائة من اقتصاد البلاد، ليستعرضوا كيف سرق رفعت الأسد (شقيق الأسد الأب)، كل موجودات المصرف المركزي، ووضع مكانها أوراقاً نقدية سورية بدون سند أو رصيد.. ليتذكروا المساعدات التي قدموها للأسد الأب والابن، ولم يشهدوا آثارها على الأرض.

هناك تعليق واحد:

  1. الله يفرجها عليكِ ياسورية فرجاً تزول به الكرووووووووب

    ردحذف