الجمعة، 7 مايو 2010

نجحوا.. ولم يتخرجوا!!





" يفوز الرجال والنساء بالانتخابات، لأن الناس يصوتون ضد أحدهم، ولا يصوتون مع أحدهم"
الكاتب الأميركي فرانكلين آدامز

 
 
محمد كركوتــي
 
حسناً.. إنه برلمان معلق في بريطانيا. فالناجحون ( المحافظون) لم يتخرجوا، ولم يحصلوا حتى على درجة مقبول، ولن يرددوا أغنية عبد الحليم حافظ " الناجح يرفع إيدو". فأيادي قادة هذا الحزب "تحك رؤوسهم"، بحثاً عن قناعة ( واقتناع) بائتلاف – لا مفر منه - مع حزب الديمقراطيين الأحرار، سيؤدي إلى "زواج" لا تناغم فيه، من حيث المبادئ، لا من جهة اللعبة السياسية. "الأحرار" غير الناجحين بالدرجة التي كانوا يرغبون فيها، هم أشبه – في هذا الزواج – بالبنت القاصرة التي زُوجت برضاها، لا على طريقة ما يجري في عمليات الزواج المشابهة في اليمن وبعض البلدان العربية الأخرى، وإن تشابهت بعمر الفتاة فقط. حزب العمال الحاكم حتى إشعار آخر، أصبح مثل الثور الجريح الذي يجره حصان خارج حلبة المصارعة. فلا يضمن له البقاء في السلطة – بصرف النظر عن طبيعة بقاءه وقوته وتأثيره – إلا الزواج من حزبين وأكثر، وهو أمر لا يضمن لمثل هذه الزيجة الاستمرار، وبالتأكيد لن ينتج ذرية!.

إنه مشهد غريب، لم تشهده بريطانيا حتى في العام 1974، عندما فشل إدوارد هيث ( المحافظ) في تشكيل حكومة ائتلافية، مع حزب الأحرار آنذاك، مما أفسح المجال أمام هارولد ويلسون (العمالي)، لتشكيل الحكومة. وعلى الرغم من النتائج المُربكة للانتخابات البريطانية العامة لعام 2010، والصادمة لقادة الأحزاب ( ديفيد كاميرون، وجوردون بارون ونيك كليج) إلا أنها أتت بمعاول تشكيل سياسي جديد على الساحة. تشكيل لا يشبه ( ولن يشبه) سابقه. هو تغيير كان من المفترض أن يأتي ضمن نطاق الممارسة السياسية العادية، إلا أن الأحزاب التي تناوبت على الحكم، لم تقدم عليه. لماذا؟ لأن من مصلحتها أن يبقى النظام الانتخابي على ما هو عليه، فضلاً عن أنه من النادر أن يُقدِم حزب ما على مثل هذا التغيير، إذا ما كان في السلطة. فمثل هذه التغييرات لا تثار عادة، إلا من صفوف المعارضة. لقد فرضت ضرورات التغيير نفسها في هذه الانتخابات، التي خيبت آمال الجميع دون استثناء، بما في ذلك حزب الديمقراطيين الأحرار( خسر خمسة مقاعد على الأقل)، الذي يُمسك بزمام التشكيل الحكومي. فالصغار بات لهم صوتاً مسموعاً، وإن كان خافتاً.

برلمان معلق، قد لا يدوم طويلاً. لكنه سيكون بمثابة الطلقة الأولى، لبدء سباق التغيير في المنهج الانتخابي في بريطانيا، بحيث سيضمن للأحزاب الصغيرة في البلاد، تمثيلاً أكبر، وسيحرر المملكة المتحدة، من قبضة قطبية الحزبين. وسواء نجح زواج الرجل الهرم من الطفلة الصغيرة، أم لم ينجح، فهو سيطرح القضية ويضعها على الطاولة، وسيجبر الحزبين التقليديين على التغيير المنهجي لا السياسي. التغيير الذي سيقدم لبريطانيا منهجاً " شاباً"، ليس فقط قادة شبان لأحزاب هرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق