الجمعة، 8 ديسمبر 2017

الفقر.. العدو المُعربد




طالما ظل الفقر والظلم وعدم المساواة في عالمنا لا أحد منا يمكنه أن يعيش بطمأنينة وراحة

نيلسون مانديلا زعيم جنوب أفريقيا الراحل

كتب: محمد كركوتي

ربما يكون المبلغ «10 تريليونات دولار» المقترح من قبل منظمة العمل الدولية لإنهاء الفقر في العالم كبيراً جداً، وقد يعتبره البعض «تعجيزياً»، ومن المحتمل أن يراه آخرون رقماً طرحته مجموعة من الحالمين، منغمسة بالنظرية ومبتعدة عن التطبيق..
إلا أنه لا حل لهذه الآفة «البشرية الصنع» من دون أن تتوافر هذه الأموال على مدى 15 عاماً من الآن.وهذا الحل لا يعني فقط نقل الفقراء إلى مستوى أعلى، بل هو أداة في نفس الوقت، لمنع تأجج المزيد من الصراعات والحد من ارتفاع مستويات الجرائم، ووقف الخراب الذي يستهدف الطبقة الوسطى في غالبية بلدان العالم.
ولم يحدث في التاريخ أن نجا مجتمع ما، بعد انهيار هذه الطبقة المحورية فيه.
إنها «السنيدة» الحقيقة لهذا المجتمع أو ذاك.
والبلدان الراشدة تصنع الآليات دائماً للحفاظ عليها، وعلى محركاتها للمجتمع والوطن. الفقر موجود حتى في البلدان التي تتمتع بأكبر الاقتصادات قاطبة.
صحيح أنه لا يُقارن، من حيث النسبة والفداحة بمثيله في البلدان الأقل ثراء، لكنه في النهاية يشكل وصمة عار على الحكومات المنتخبة المتعاقبة.
لندع هذا جانباً.. المصيبة الفعلية حقاً، أن العمل - إن توافر- ليس بالضرورة أنه ينهي الفقر لماذا؟ .. لأن 80 في المائة من العمال والمزارعين في الدول الأقل تقدماً، يرزحون في خانة الفقراء، لأن ما يقومون به لا يدر دخلاً كافياً للعيش الكريم.
أما في البلدان المتقدمة، فينتقل هؤلاء شيئاً فشيئاً من الطبقة الوسطى إلى الدنيا، بسبب تراجع الدخل!.. هذه أرقام ونسب اتفقت عليها مؤسسات ومنظمات عالمية معنية، وفي مقدمتها منظمة العمل الدولية.
المطلوب 1 في المائة فقط من حصيلة الناتج العالمي الكلي للقضاء على الفقر المدقع.
وهي نسبة كما تبدو ضئيلة، ولا تقارن بالنسبة المخصصة (مثلاً) للتسلح، أو للإنفاق على أسلحة الدمار الشامل.
مع ضرورة التأكيد دائماً على أن تكاليف الحروب والعنف تصل إلى مستويات خرافية مالياً، وأسطورية بشرياً.
وعندما نتحدث عن الفقر هنا، فإننا ندخل تلقائياً في الحديث عن «ميدان» الجوع، فإذا كان الفقراء يستطيعون العثور على اللقمة - بصرف النظر عن نوعيتها - ، فإنهم سرعان ما ينضمون إلى «جيوش» الجائعين في مرحلة لاحقة، مع استمرار تراجع مداخيلهم، وغياب استراتيجية واقعية للحد من التفاوت الطبقي هنا وهناك.
هي مصيبة مستمرة لعقود مقبلة.
صحيح أن الأمم المتحدة بمنظماتها الاجتماعية الإنسانية المعروفة تمكنت من تحقيق بعض أهداف الألفية الحالية، على صعيد الجوع والصحة والتعليم، إلا أنها لم تتمكن من إقرار مخطط عملي باشتراك الدول الفاعلة على الساحة الدولية، يستهدف إنهاء الفقر، أو مكافحته بالصورة التي يمكن أن تبشر بالخير أو تطرح تفاؤلاً ما.مصيبة الفقر لا تخص أصحابها فقط، لأنها ببساطة أزمة عالمية متصاعدة، حتى في البلدان التي بلغت إلى «سن الرشد».

(المقال خاص بجريدة "الاتحاد")

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق