الاثنين، 30 أبريل 2012

إنها مجزرة المصارف

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")


جيد جداً أن الناس لا تفهم نظامنا المالي والمصرفي. فإن فهموا، سوف تكون هناك ثورة قبل حلول صباح الغد"
هنري فورد صناعي أميركي

 
كتب: محمد كركوتــــي
 
ستخفض وكالة "موديز" للتصنيف والتقييم الائتماني، تصنيف عشرات المصارف في 16 دولة أوروبية. ربما يصل العدد إلى 114 مصرفاً (حسب ما هو متداول) أو أقل، لكنها ستقدِم على هذه الخطوة رغم التحذيرات والمخاوف والاتصالات المريبة، بل والاستجداءات التي أطلقتها كل المصارف الأوروبية، بأن تلتزم هذه الوكالة الصمت، ولو في المرحلة الراهنة على الأقل، على اعتبار أن المصارف المستهدفة لديها من المصائب ما يكفي وأكثر، وأنها ليست "ناقصة" مشاكل جديدة، وأنها في وضعية المتلقي للمساعدات المالية الإنقاذية (لا التحفيزية)، وفي أحسن الأحوال المساعدات الإصلاحية، وبالتالي فهي تحتاج إلى أجواء من الهدوء الائتماني. بينما يعتبر بعض المتطرفين الرافضين لأي تصنيف حقيقي جديد، أن خطوة كهذه لا تدخل إلا في نطاق "عدوان" جديد على المصارف، وأنه ينبغي على "موديز" وغيرها من الوكالات المشابهة، أن تصمت، مع تمنيات يائسة بانهيارها.

لكن الوكالة وغيرها من المؤسسات المعنية بالتصنيف الائتماني، تعلمت من دروس الأزمة الاقتصادية العالمية، وتخرجت منها بدرجة "مقبول" على أن تكون تحت المراقبة، حتى تثبت عكس الظنون بها، بينما لا تزال المصارف في مرحلة "محو الأمية" في هذا المجال، رغم كل مصائبها التي توفر أدوات مساعدة لتعليم حتى أولئك الذين غادرت عقولهم كياناتهم. لا تزال المصارف "تغازل" وكالات التصنيف على طريقة "روميو وجولييت"، بصرف النظر عن المصير الحتمي للعاشقَين. وهي (أي المصارف) التي لا تزال تحب أن تَعشق بهذه الطريقة، تكره في سياق عشقها، كل من يشكك في نواياها ومخططاتها وسلوكياتها. فمثلاً.. لم تستطع إلا أن تحب كراهية المفكر السياسي الأميركي الشهير توماس جيفرسون، الذي اكتشف مبكراً جداً، أن المؤسسات المصرفية تشكل خطراً محدقاً للحريات، أكثر من الأخطار التي تشكلها الجيوش الجرارة. ولأنها كذلك، فهي لم تستطع أن تكره (مثلاً أيضاً) جورج بوش الابن، وقبله رونالد ريجان في الولايات المتحدة، ومارجريت ثاتشر في بريطانيا. فهؤلاء منحوا المصارف قداسة فاقت تلك التي تتمتع بها الكنسية في بلدانهم، بل أرادوها أن "تأكل" مؤسسات "غبية" تؤمن بالأخلاق وقيمها.

لا يبدو أن استجداءات المصارف لوكالة "موديز" ستحقق أي خطوة على صعيد تأجيلها إطلاق التصنيفات المتوقعة، التي تستحق بجدارة توصيف "مجزرة المصارف". فقد سبق للوكالة وغيرها تخفيض تصنيف دول كبرى، كانت تعتقد أن أحداً لا يستطيع الاقتراب منها في هذا المجال. لنتذكر فقط خفض التصنيف الائتماني لمن؟ للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. ألم تهدد هذه الوكالات بريطانيا؟ ألم تعلن وكالة "فيتش" عن تغيير نظرتها الإيجابية للمملكة المتحدة؟ ألم تقم نفس الوكالة بتخفيض جماعي لتصنيف 12 مصرفاً بريطانياً، بما في ذلك مصرف "رويال بنك أوف اسكوتلاند، و" لويدز تي اس بي" الحكوميين؟ لن أتحدث هنا عن خفض التصنيفات الائتمانية لدول مثل أسبانيا والبرتغال واليونان وإيطاليا. فهذه لم تدع مناعة بهذا الخصوص. أمام هذه الحقائق، لا مناعة لأي مصرف ولا سيما في القارة الأوروبية، الغارقة في عملية تاريخية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ليس فقط من المصارف بل من بعض الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي نفسه. اليونان وأسبانيا مثلان أصيلان.

لاشك في أن التصنيف الجماعي الضخم المتوقع لوكالة "موديز"، سوف يعرض المصارف المستهدفة للمزيد من الضغوط، بل وربما يُخرج بعضها من دائرة المصارف التي يمكن إنقاذها بصورة مباشرة. ورغم أن تصنيفاً بهذه الضخامة، سيُربك الأداء المصرفي المتعثر (بل والمتخبط) في أوروبا، إلا أنه بات ضرورياً، الآن أكثر من أي وقت مضى. فلا يمكن لوكالات تعمل من أجل استعادة كاملة لسمعتها التي لطختها الأزمة الاقتصادية العالمية، أن تصمت أمام هذا الواقع، وإلا ستكون شريكة في المأساة كما كانت قبل الأزمة. لقد قام البنك المركزي الأوروبي في الأشهر القليلة الماضية، بتقديم قروض غير مكلفة تقدر مدتها بثلاثة أعوام، لأكثر من 800 مصرفاً في أوروبا، وبلغت قيمة هذه القروض حوالي 1000 مليار يورو. وبعيداً عن التمنيات في زمن لم تعد ذات جدوى، فإن هذه القروض الهائلة، لن تحل المشكلة الكبرى، وهي في أحسن الأحوال، تساعد في إرجاء أو تجميد العملية الحتمية الخاصة بتنظيف ميزانياتها العمومية.

ليس أمام المصارف الأوروبية الآن، إلا مواصلة مواجهة الحقيقة. هي مُرة ومخيفة ومليئة بـ "الآلام" المالية. ومحاولات إخفاء الحقائق تذكرنا بالمحاولات القاتلة لإخفائها في السنوات التي سبقت الأزمة الاقتصادية العالمية. فقد أنتجت هذه المحاولات أزمة (بل كارثة) نالت مباشرة وبدون وسيط من المحاولين أنفسهم، ولا تزال تنال منهم حتى الآن، بصور مختلفة، وبتبعات متغيرة. والحقيقة أنها ستظل تستهدفهم، طالما لا يزال صانعوا القرار المصرفي الأوروبي والغربي عموماً، يعيشون أحلاماً مصرفية، ليست سوى كوابيس لن يتمكن أحداً في طردها إذا لم يستيقظ.

الأحد، 22 أبريل 2012

في سورية.."ذهب" الثورة براقٌ لو غُسل توسخ

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")



"مساحة إنش من الوقت هي إنش من الذهب، لكن لا يمكن شراء إنش من الوقت بإنش من الذهب"
مَثَل صيني



كتب: محمد كركوتـــــي

لنترك جانباً حملات الترويج البائسة (وفي كثير من الأحيان المضحكة) التي يقوم بها نظام سفاح سورية بشار الأسد. فهو متجه بقوة إلى الهاوية الاقتصادية، منطلقاً إليها من الهاوية الأخلاقية، التي وقع فيها منذ وصوله إلى الحكم. لا أتحدث هنا عن الاقتصاد الوطني. فقد خسر هذا الاقتصاد توصيفه منذ أن وصل الأسد الأب بانقلاب عسكري، إلى سلطة لم يكتسب شرعية فيها يوماً واحداً، ليصبح "اقتصاد الأسد". وعلى هذا المنوال.. فـ "مركزي" سورية صار"مركزي الأسد"، ونفط سورية أضحى "نفط الأسد"، لم لا؟ وقد اعتبر شعب سورية "شعب الأسد" وهي نفسها باتت "سورية الأسد"! مهلاً.. ألم يمتلك جهمورية وحصل على الشعب هدية؟! في ثمانينات القرن الماضي انتشرت نكتة في أوساط السوريين، حول سائح سأل مرافقه السوري، عن مستشفى مر به فقال له "مستشفى الأسد"، وعن مدرسة وكان الجواب" مدرسة الأسد"، وعن جسر كان "جسر الأسد"، وعن مكتبة فهي "مكتبة الأسد"، و"أكاديمية الأسد"، و"مطار الأسد"، و"ثكنة الأسد".. وهكذا، وبكل براءة قال السائح، ألا يوجد عندكم إلا هذا الحيوان لتسمية الأشياء به؟! وأخرى عن سائحة أجنبية مراهقة، دُهشت من فيضان صور وتماثيل الأسد في كل مكان، لتسأل: هل هذا هو المطرب الأول عندكم؟!

يبيع بشار الأسد ذهب سورية، في سياق استحواذه على كل شيء. ورغم أن قيمة هذا الذهب أقل بكثير من حجم الهبات والمساعدات المالية التي وصلته من إيران والعراق (بلغت 12 مليار في غضون 6 أشهر فقط)، في إطار دعم حكومتي هذين البلدين له في حرب الإبادة التي يشنها على الشعب السوري، إلا أن الذهب في النهاية يمنحه تمويلاً مالياً جديداً بات يحتاجه بقوة. لماذا؟ لأن العقوبات الأميركية والأوروبية والعربية المفروضة عليه، تجفف بالفعل على (أصعدة عدة) مصادر الأموال، وكلها غير شرعية، ولأن إيران (وإن كانت قادرة على مواصلة مده بالمرتزقة وخبراء قتل الأبرياء)، فلم تعد كذلك على الصعيد المالي المباشر، في ظل العقوبات المفروضة عليها أيضاً، وتآكل اقتصادها حتى قبل هذه العقوبات. وكذلك الأمر مع حكومة العراق (الإيرانية) التي لم تقدم سيولة مالية مباشرة، بل تسهيلات تجارية وخدماتية مختلفة، توفر عوائد مالية كبيرة، لكن للتسهيلات والخدمات حدود، في ظل اقتصاد عراقي، لا يقل بؤساً عن جاره الإيراني.

الجديد في قضية الذهب السوري المنهوب، هو بدء عملية بيعه لا سرقته، لأنه نُهب أصلاً منذ سنوات، تماماً مثل النفط والمشروعات الكبرى، ومعها مشروعات البنى التحتية، والوكالات العالمية وغيرها. ولأن بشار الأسد عرف (ولو متأخراً) بأن لا أمل له في البقاء والاستمرار، أمام ثورة شعبية سلمية عارمة، قام بتهريب ممتلكات سورية من الذهب، التي تصل حسب التقديرات إلى حوالي 26 طناً، بقيمة إجمالية تبلغ 2 مليار دولار أميركي، إلى بعض الدول التي لا تزال (ولا أعرف كيف؟!) تعتقد بأن هناك فرصة ما لنجاته مع نظامه. وبالطبع كانت إيران ولبنان وروسيا في مقدمة هذه الدول. غير أن تهريب و"طمر" الذهب، لا معنى لهما إذا لم تعد هذه الثروة بالنفع على السارق وقت الحاجة، خصوصاً وأن للأسد ما بعد سقوطه من الأموال المنهوبة الكثير الكثير، هذا إن نجا من قبضة الشعب السوري. وعوائد الذهب يحتاجها الآن، لأن الفرص والمهل والمبادرات الميتة في رحم منتجيها، توفر له مساحات زمنية إضافية، على أمل أن يقضي على ثورة، انطلقت أصلاً كي لا تنطفىء.

ليس مهماً قناعة الأسد وعصاباته بجسارة الثورة، المهم بالنسبة له ولهؤلاء المضي في حرب الإبادة، للاستمرار يوم إضافي واحد في السلطة. وهذا يتطلب المزيد من المال. فبعد أن باع النفط تهريباً بأسعار يحددها المشترون، وفي ظل محاولاته لبيع سندات خزينة (ولاسيما للصين)، وبعد أن قضم احتياطي سورية من القطع الأجنبي (انخفض من 18 مليار دولار إلى 8 مليارات في أقل من عام)، وبعد أن فر المستثمرون الأخيار من البلاد، وعزف السياح عنها، وجب عليه أن ينبش الذهب المنهوب لبيعه. ووفق طريقة بيع النفط بشروط المشتري، يبيع الأسد مسروقاته الذهبية، مع سعيه الحثيث إلى بيع الاحتياطي كله من القطع الأجنبي. فالذي يقتل الأطفال، لا يهمه مستقبل بلادهم الاقتصادي، والذي يقصف الأحياء السكنية بالمقاتلات، لا يكترث بتحميل شعبه أكوام من الديون المستقبلية، لا قدرة لهذا الشعب على الإيفاء بها.

وسط هذا الخراب الممنهج، ليس مهماً أن تكون عمليات البيع متناغمة مع حراك وأسعار السوق. فهل حدث مرة أن باع لص ساعة مسروقة –مثلاً- بسعرها الحقيقي؟ ولذلك فإن بيع ذهب سورية بأسعار تقل 15 أو 20 أو 30 في المائة عن سعره الحقيقي، أمر مفهموم بل وطبيعي، ولا يمكن أن يكون المشتري أقل سوءاً ودنائة وشراً من البائع. فهذا الأخير سرق ونهب وباع، والمشتري الذي يتلفت يمنة ويسرة، يغسل ويوضب المسروقات، وهو يعلم تماماً أنه يسلب شعباً بأكمله مستقبله، الذي حوله سفاح سورية إلى سلعة رخيصة السعر، فظيعة الأثر. ومع ذلك "ذهب" الثورة براقاً، لو غُسل.. توسخ.

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

البنك الدولي "الأميركانلي"

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")



"هذا العالم محكوم بمؤسسات ليست ديمقراطية. البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية"
خوسيه شاراماغو أديب وشاعر برتغالي



كتب: محمد كركوتــــي


حسناً.. سينتصر الأميركي جيم يونغ كيم، وسيفوز برئاسة البنك الدولي، إلا إذا حدثت مفاجأة (أو معجزة). "سأُخاطر"، وهذا المقال كُتب قبل يومين من عملية اختيار رئيس لهذه المؤسسة، وأقول: إن مفاجأة لن تحدث. أما لماذا "المخاطرة"؟ فلأنه أُريد لهذا المنصب أن يكون حكراً على الأميركيين، بصرف النظر عن أي اعتبارات، على الرغم من وجود آلاف المؤهلين من غير الأميركيين لهذا المنصب. ومنذ العام 1946 وحتى يومنا هذا، لم يُسمح لأي "مُناطح" غير أميركي الوصول إليه. ليس مهماً أصوله، المهم أن يكون "أميركانلي"، مع الاعتذار للأديب المصري صنع الله ابراهيم، على استعارتي هذه المفردة من عنوان لرواية له.

حسناً مرة أخرى، لتحصل أوروبا على هذا المنصب ولو لمرة واحدة، كي لا أقول أفريقيا أو آسيا أو حتى كندا. لكن مهلاً.. لماذا أوروبا؟ ألم تحتكر هي الأخرى رئاسة صندوق النقد الدولي، منذ العام نفسه 1946؟! بل ألم تُدوره فقط بين بلجيكا والسويد وألمانيا وهولندا وأسبانيا وفرنسا؟! إذن.. بلا غمز من قناة المؤامرة، فالواضح أن الأميركيين والأوروبيين قسموا "تركة" العالم في هذا المجال بعد الحرب العالمية الثانية، دون أن يدونوا هذه القسمة في لوائح اتفاق "بريتون وودز" التاريخي، الذي أسس وكرس طبقية اقتصادية عالمية، صمدت نظرياً في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية، لكنها وقفت عارية أمامها. نعلم أن للمنتصرين في الحروب (ولاسيما الكبرى منها) مغانمهم، ونعلم أيضاً أن المغانم تُستكمل فور أن تضع الحرب أوزارها، لكن الحرب الكبرى الثانية وفرت مغنانم مستدامة للمنتصرين! في مقدمتها السيطرة الكاملة على "مطبخ" صنع القرار الاقتصادي العالمي، بما في ذلك التحكم (أو في أفضل الأحوال التأثير) بموازنات دول ذات سيادة حقيقية لا صورية، والإملاءات الاقتصادية الاجتماعية المعيشية، بالإضافة طبعاً، إلى إطلاق توقعات حول مستقبل الاقتصاد العالمي، لم تكن كلها صائبة. وفي هذه النقطة بالتحديد، لنتذكر مقدمات الأزمة الاقتصادية العالمية.

كنت من أولئك الذين توقعوا ألا يصر الرئيس الأميركي باراك أوباما على مرشح أميركي لرئاسة البنك الدولي، أو على الأقل ألا يقاتل من أجله. ليس شكاً في وطنيته، بل استناداً إلى تحولين يسودان المشهد الاقتصادي العام. الأول.. التحول التاريخي المتواصل (بل والمتجدد) الذي أحدثته الأزمة الكبرى، والثاني.. سياسة الإشراك التي اعتمدها أوباما منذ وصوله إلى البيت الأبيض. لكن تباً للانتخابات وروابطها التسويقية، عندما تعطل المبادىء العامة المعلنة والمستترة. وأحسب أنها السبب الرئيس في إصرار الرئيس، فيما لو اتفقنا على حسن نواياه في سياسة الإشراك التي لم يفرضها أحد عليه، بل أطلقها وارتضاها لنفسه، هذا إلى جانب تعطيل الانتخابات القسري لجانب من استحقاقات الأزمة، التي تحتم على المنتصرين في تلك الحرب اللعينة، تغييراً جذرياً لسلوكياتهم الاقتصادية، بما في ذلك تخفيف سيطرتهم على المؤسسات الاقتصادية الأممية.

الأسئلة في هذا المجال كثيرة. لماذا لا يُترك المجال أمام وزيرة المالية النيجيرية نغوزي إيوالا، التي عملت مايزيد عن ربع قرن في البنك الدولي؟ لماذا تم الضغط على الاقتصادي الكولومبي خوسيه أوكامبو لسحب ترشيحه؟ لنعتبر أن هذين المرشحين ليسا مؤهلين لقيادة هذا البنك. لماذا لا تُمنح الفرصة لأي مرشح من الدول غير الكبرى في مجموعة العشرين التي استلمت زمام المبادرة على الساحة العالمية في أعقاب الأزمة؟ لماذا لا تتفق الولايات المتحدة وأوروبا –مثلاً- على تدوير منصب رئيس صندوق الدولي بينهما، وترك المجال أمام مرشحي دول أخرى في البنك الدولي؟ لماذا لا يكون العكس، أي تدوير منصب رئيس البنك بينهما، وترك منصب رئيس الصندوق للآخرين؟

ربما يظهر من يقول، إن الأمر لا يتم اختياراً، بل من خلال انتخابات داخل البنك. لنلق نظرة على عملية الانتخاب. سيتم تعيين "المرشح" الأميركي في مجلس المدراء بالتوافق، مدعوماً من ممثلي الولايات المتحدة وكندا واليابان، قبل أن يحصل على موافقة مَنْ؟ الأوروبيين. حسناَ.. تمثل هذه الكتلة مجتمعة قرابة 60 في المائة من الأصوات، أي أن كرسي جيم يونغ كيم (وهو شخص غير متخصص بالاقتصاد، مع الاعتراف بنجاحاته في مواقع مختلفة) مضمون.. مضمون.. مضمون. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل وقف الأوروبيون في السابق بصورة معطلة في وجه "المرشح" الأميركي؟! بل هل يجرأون على ذلك؟ هل سينسون "غض الطرف الأميركي" على استحواذهم على قيادة صندوق النقد الدولي؟ على هذا الأساس، تجرأتُ بالإعلان عن قناعتي بأن كيم سيكون رئيس البنك الدولي الجديد، قبل أن تجري هذه العملية الانتخابية الغريبة. وعلى هذه الأرضية يمكن القول ببساطة، إن المنافسة على رئاسة هذا البنك، لا تعتمد (ولم تعتمد) على مؤهلات وكفاءات وتاريخ المرشحين، بل تستند بكل المقاييس إلى المعايير السياسية.

هل يحتاج الأمر إلى تسيير مظاهرات ترفع شعاراً مشابهاً للذي يرفع في بعض الدول العربية "الشعب يريد إسقاط النظام"، ليكون " العالم يريد تغيير نظام انتخاب رئيس البنك"؟

الخميس، 12 أبريل 2012

قائمة "الخونة" كما وضعها أتباع سفاح سوريا بشار الأسد

نشرت مواقع موالية لنظام سفاح سوريا بشار الأسد قائمة بأسماء شخصيات سورية وعربية إعتبرتها تسيئ "لسوريا" وقيادتها .. كما اعتبرت أن هذه الشخصيات مسؤولة عن سرقة "الأمان والمحبة" من بلدهم .
وأنشر هذه القائمة، مع تحفظاتي على ورود أسماء فيها، لا تقل إجراماً عن بشار الأسد، وفي مقدمتها رفعت الأسد وأبنائه ومن يرتبط به، فضلاً عن تحفظات حول أسماء أعضاء في هيئة التنسيق، التي أعتبرها هيئة تنسيق مع سفاح سوريا. كما يبدو أن واضعي القائمة، لم يسمعوا بعد باستشهاد مشعل تمو.

الأسماء منشورة حسب التسلسل الأبجدي، واسمي بكل فخر يحمل الرقم 134.
وفيما يلي الأسماء والنص، كما ورد تماماً:

(هؤلاء الواردة أسمائهم أدناه يقومون بشكل ممنهج للإساءة لسورية وقيادتها هؤلاء الواردة أسمائهم أدناه يقومون بشكل ممنهج للإساءة لسورية وقيادتها

بعد ال...متابعة والتدقيق توصلنا إلى أن هؤلاء الواردة أسمائهم أدناه يقومون بشكل ممنهج للإساءة لسورية وقيادتها من خلال الدعم المادي وتوفير الغطاء والتصريحات النارية من خلال قنوات الفتنة المعروفة المشرق - بردى - الجزيرة والعربية وذلك للوصول إلى قلب نظام بلدنا رأسا على عقب وهم بالتأكيد ليسوا معنيين بالإصلاح وهم أجانب وعرب وسوريون مقيمون بالخارج أو ممن يقيمون داخل بلدنا. وهذه هي الأسماء حسب التسلسل الأبجدي وعلى الشعب السوري أن لا ينسى من حاول سرقة الأمان والمحبة من بلدنا. ربما هؤلاء لم يحملوا السلاح ولكن التحريض والفتنة أشد من القتل:

1. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي سعودي صاحب موقع على الإنترنت

2. إبراهيم الزبيدي كاتب عراقي

3. إبراهيم الشغري المجلس الثوري للتنسيقات

4. أبو عبد الرحمن عيسى المجلس الثوري للتنسيقات

5. أحمد عبد العال مؤتمر العلماء المسلمين إسطنبول

6. أحمد طعمة إعلان دمشق

7. أمال شابة محطة أورينت

8. أشرف المقداد لندن

9. أسامة القاضي رئيس المركز السوري للدراسات واشنطن

10. أكرم البني

11. ألان قادر حقوقي لينز

12. العرعور

13. القرضاوي

14. إلياس حرفوش صحفي

15. إلياس دبانة

16. أمجد ناصر أردني

17. أنس العبدة حركة العدالة والبناء

18. أنور البني محامي

19. أنور المختار لجنة الثورة السورية لندن

20. إياد خضور عضو تنسيقيات في لبنان

21. إيمان شاكر

22. برهان غليون

23. بسمة قضماني مديرة مبادرة الإصلاح العربي باريس

24. بسام الملك

25. بسام بيطار واشنطن

26. بسام جعارة

27. بنكي حاجو كردي سوري

28. بندر بن سلطان

29. بهية مارديني

30. ثائر الناشفن

31. جبر الشوفي إعلان دمشق السويداء

32. جمال الجراح

33. جمال ملا محمود حزب الديمقراطي الكردي

34. جميل صائب

35. جورج صبرا

36. جيفري فيلتمان

37. جيري ماهر لبناني مدير موقع الثورة السورية الفيسبوك

38. حازم النهار

39. حسان حيدر مدير تحرير جريدة الحياة لندن

40. حكم البابا ناقد محطة أورينت دبي

41. حمزة الغضبان عضو تنسيقيات في لبنان

42. حسن عبد العظيم حلب

43. حسين العودات

44. خالد الفيومي المجلس الثوري للتنسيقيات

45. خالد الضاهر نائب لبناني كتلة الحريري

46. رامان كنجو تنسيقيات الثورة حلب

47. رامي عبد الرحمن

48. رجاء الناصر حزب الإتحاد الإشتراكي الديمقراطي حلب

49. رستم جودي

50. رضوان باديني

51. رضوان زيادة الولايات المتحدة الأمريكية

52. رفيق الشامي ألمانيا

53. روز أبو علي ياسين

54. روزا ياسين حسن

55. رولا غازي

56. روناهي شيلان

57. ريبال الأسد

58. رفعت الآسد

59. رياض سيف

60. زكريا السقال

61. زهير سالم إخوان مسلمون لندن

62. زياد السيد مذيع محطة بردى لندن ومراسلها في إسطنبول

63. سليمان محمود عماشة

64. سعد الحريري

65. سمر يزبك

66. سمير الدخيل

67. سمير العيطة صحفي باريس

68. سمير نشار هيئة إعلان دمشق حلب

69. سهير الأتاسي

70. سلمان أحمد إدلب

71. سلامة كيلة دمشق

72. شاكر النابلسي

73. شفكر رفيق البارتي

74. صادق جلال العضم

75. صالح مسلم حزب الديمقراطي الكردي

76. صبحي حديدي

77. صلاح بلال

78. ضياء الدين دغمش لبناني

79. طارق جانودي

80. عادل الطريفي لندن

81. عارف دليلة

82. عامر الصادق تنسيقيات الثورة دمشق

83. عباس عباس ألمانيا

84. عبد الأحد اصطيفوا

85. عبد الإله ثامر طراد الملحم من مشايخ العشائر

86. عبد الباسط حمو

87. عبد الحليم خدام

88. عبد الرافع حاكمي مؤتمر العلماء المسلمين إسطنبول

89. عبد الرحمن الراشد

90. عبد الرحمن جليلاتي لندن

91. عبد الرحيم السمان محامي حماة

92. عبد الرزاق عيد إعلان دمشق باريس

93. عبد الرؤوف درويش رئيس "تجمع 15 آذار من أجل الديمقراطية

94. عبد العزيز الحلبي المجلس الثوري للتنسيقيات

95. عبد العزيز الخير

96. عبد اللطيف المنير واشنطن

97. عبد الكريم الريحاوي

98. عروة الفاضلي المجلس الثوري للتنسيقيات

99. عصام العطار مؤتمر العلماء المسلمين إسطنبول

100. علي القره داغي مؤتمر العلماء المسلمين في اسطنبول

101. علي الأحمد موقع syria.net

102. علي حمادة

103. علي سنقر

104. علي فرزات

105. عماد الدين الرشيد إخوان مسلمون الأردن

106. عمار عبد الحميد محطة بردى لندن

107. عمر قشاش

108. عمر مقداد صحفي

109. عهد الهندي

110. غازي دحمان دمشق

111. غالب محمد مذيع محطة بردى لندن

112. غسان إبراهيم مدير موقع غلوبال أراب نتوورك بريطانيا

113. غسان المفلح سويسرا

114. غسان النجار

115. غسان عبود صاحب محطة أوربت دبي

116. فايز سارة

117. فداء السيد إخوان مسلمون ألمانيا

118. فداء المجذوب

119. فهد المصري

120. فوزي حمادي دير الزور

121. كاميران حاج عبدو حزب الديمقراطي الكردي

122. كاميران حاجو

123. كمال سنقر

124. كمال شيخو

125. لافا خالد

126. مالك العبدة

127. مجاب السمرة بيروت

128. محمد العبد الله

129. محمد العمار تيار إسلامي متشدد

130. محمد دحلان فلسطيني

131. محمد رحال المجلس الثوري للتنسيقيات

132. محمد زهير الصديق الشاهد الكاذب الملك

133. محمد الزعبي ألمانيا

134. محمد كركوتي أنطاليا مؤتمر التغيير أبو ظبي

135. محمد سيد رصاص

136. محمد عبد المجيد منجونة حزب الإتحاد الإشتراكي الديمقراطي حلب

137. محمد علي الصابوني مؤتمر العلماء المسلمين إسطنبول

138. محمد فيزو تنسيقيات الثورة جسر الشغور

139. محمد منصور ناقد محطة أوربت دبي

140. محمد ياسر المسدي مؤتمر العلماء المسلمين في اسطنبول

141. محمد نجاتي طيارة

142. محمود مرعي حقوق الإنسان دمشق

143. محي الدين شيخ آلي

144. محي الدين لادقاني

145. مشعل التمو تيار المستقبل الكردي القامشلي

146. مصطفى رستم حماة

147. مصطفى سعيد المجلس الثوري للتنسيقيات

148. ملهم الدروبي إخوان مسلمون

149. ممتاز سليمان محامي لندن

150. منتهى الأطرش السويداء

151. منير البيطار

152. ميشيل كيلو دمشق

153. نبيل مرزوق إقتصادي دمشق

154. نجم عبد الله

155. نصر حسن

156. نزار توبة لندن

157. نواف البشير من مشايخ العشائر

158. هوزان حسن

159. هيثم المالح

160. هيثم المناع

161. هيثم رحمة المنسق العام للائتلاف الوطني لدعم الثورة

162. لؤي حسين

163. وائل الحافظ باريس

164. وحيد صقر

165. وسيم سنقر

166. وليد البني

167. وليد شخو

168. وهيب أيوب

169. ياسين الحاج صالح دمشق).
انتهى

الثلاثاء، 10 أبريل 2012

الأسد يبيع مستقبل سورية أيضاً

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")




"الذي يسند السلم للسارق، ليس أقل منه سوءاً وشراً"
مَثَل ألماني

 
كتب: محمد كركوتـــي
 
لن يرحل سفاح سورية بشار الأسد، قبل أن يحول البلاد إلى كيان منكوب، بكل ما يملك من قوة، ومن زمن لا يزال متاحاً له. فهذا النوع من الأشرار لا يقبل إلا بتلك المعادلة الفظيعة المرعبة "إما أنا أو الأمة بأكملها". هكذا فعل نيرون روما، الذي قتله أحد ضباطه لتخليص الأمة من شروره ومجونه وجنونه، وبالأمس.. هكذا فعل سفاح ليبيا معمر القذافي، و"قبل الأمس".. هكذا فعل الألماني أدولف هتلر، الذي تقدم على نيرون والقذافي والأسد بنقطة إيجابية واحدة فقط، عندما انتحر، ليس هروباً من جرائمه، بل فراراً من الاعتقال والمحاكمة. كل هؤلاء، قَتَلوا وحَرَقوا ودَمَروا واعتَقَلوا وعَذَبوا وهَجَروا وشَرَدوا وسرقوا، كي يستمروا في حكم لا يملكونه، وفي سلطة لا شرعية لهم فيها. ولو استطاعوا لأطلقوا الزلازل الطبيعية، ليستمروا يوماً إضافياً واحداً.

بعد سرقة ثروات سورية على مدى أربعة عقود، ومعها المساعدات والمعونات، وإفراغ البنك المركزي من موجوداته (الاحتياطي النقدي فيه انخفض في أقل من عام، من 17 مليار دولار إلى ما بين 5 و6 مليار)، واستحواذ أسرة واحدة (أسرة الأسد) على 65 في المائة من الاقتصاد الوطني، و"تطفيش" رأس المال الوطني، ومعهم المستثمرون الأخيار، واضمحلال قيمة الليرة. وبعد الفساد المُمأسس، والنهب المنهجي، يسعى بشار الأسد لبيع سندات خزينة، لجمع أكبر قدر ممكن من الأموال، لماذا؟ لتمويل حرب الإبادة التي يشنها على الشعب السوري منذ أكثر من عام، ولمواصلة الفظائع التي تُرتكب على مدار الساعة في البلاد. ببساطة.. لإطالة أمد بقائه أطول فترة ممكنة. وهذا يؤكد، على أن الإمدادات المالية التي وصلته من إيران والعراق والبالغة قرابة 12 مليار دولار أميركي خلال أقل من عام واحد، لم تكن كافية لاستكمال حرب الإبادة. ويُؤشر أيضاً، إلى أن النظام الطائفي في إيران، لم يعد يستطيع مواصلة مد النظام مالياً، من جراء الخراب الاقتصادي الذي يعيشه الإيرانيون، والمرشح للمزيد من الفداحة في المستقبل القريب. والأمر ليس أفضل في الحالة العراقية. فما قدمته حكومة نوري المالكي الإيرانية هناك، كان مجموعة من التسهيلات والاتفاقات الاقتصادية، وفرت للأسد 6 مليار دولار، ولا تبدو في الأفق إمكانية تواصلها إلى الأبد.

هناك مثل أفريقي-أميركي يقول: "الكاذب سيَسرُق، والسارق سيَقتُل"، وبشار الأسد جمع بامتياز الصفتين الأولى والثانية. فقد كذب على شعبه وعلى العالم أجمع (بل حتى على من تبقى من أصدقائه)، وسرق وقتل، ولا يزال يقتل. فلا مجال للصدمة هنا من محاولاته بيع الصين (المتخصصة بشراء السندات) سندات خزينة بقيمة 10 مليارات دولار أميركي، وكل من إيران وروسيا سندات بقيمة 10 مليارات أخرى. إنه بذلك يدمر مستقبل سورية، في إطار تدميره المتواصل لتاريخها، بل وحتى آثارها. إنه يكبل الشعب السوري بمزيد من الديون، ويرهن ثرواته وحراكه الاقتصادي لسنوات طويلة بعد زواله إلى الأبد. إنه يسعى إلى إضافة خراب آخر إلى الخراب الذي خلفه للاقتصاد السوري، هو ووالده على مدى أكثر من أربعين عاماً. المعادلة تتحول هنا من "أنا أو الأمة بأكملها"، إلى "أنا ومن بعدي الخراب".

عندما تشتري روسيا سندات خزينة سورية، فهي تقتل الشعب السوري ثلاث مرات. سياسياً من خلال وقوفها سداً في وجه أي قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي ضد الأسد وأعوانه، وعسكرياً عن طريق الإمدادات الحربية المتواصلة له، واقتصادياً بسندات مسروقة. وكذلك تفعل الصين. أما إيران، فهي تمد قاتل السوريين قبل وبعد ثورتهم. وستكون سورية التي يحاصرها الأسد الآن، محاصرة اقتصادياً بعد سقوطه الذي أصبح واجباً عالمياً وإنسانياً. وقد أثبت التاريخ، أن الديون تُسقط دولاً. وفي قلب الاتحاد الأوروبي، كادت دول راسخة في التاريخ والجغرافيا معاً، أن تسقط من جراء ديونها، لولا تهافت الدول الكبرى فيه لإنقاذها.

وإذا كان مصير الثورة في سورية في أيدي شعبها فقط، بعد تقاعس المجتمع الدولي في سندها، فإن سندات الخزينة تظل في أيدي الأسد حتى ينهار هو ونظامه، وهي بمنزلة حبل شيطاني يخنق الأجيال القادمة، ويربطها بجنازير اقتصادية غليظة، لن تكون طيعة في الكسر. وهذا يتطلب تحركاً دولياً فورياً، ولا سيما من أصدقاء الشعب السوري، يستهدف إقناع حكومتي موسكو وبكين، بأنهما لا ترهنان حاضر سورية فحسب، بل مستقبلها أيضاً. نحن نعلم صعوبة هذه المهمة، لكنها قد تكون أقل حدة من إقناع هذين البلدين، بأن الرهان السياسي على بقاء الأسد، يحمل خسارته معه. على الدول المؤثرة، أن تتجه إلى أية حكومة تسول لها نفسها شراء سندات الخزينة السورية، بأنها لا تستثمر فيها، بل تعيد مجدداً قصة شايلوك في مسرحية "تاجر البندقية" لشكسبير، مع فارق وحيد هنا، أن دولاً كبرى، ستختصر نفسها بهذه الشخصية المرابية المريضة.

إن القضية برمتها ليست سياسية ولا عسكرية ولا اقتصادية، إنها قضية أخلاقية. ألم يصر شايلوك على قطع قطعة من لحم مَدينه؟!

الثلاثاء، 3 أبريل 2012

إيران ستختنق مالياً بنفطها

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")


"الولايات المتحدة تحاول إقناعنا بأن العقوبات على إيران ستدفع هذه الأخيرة للتراجع عن برنامجها النووي. لكني لا أرى ذلك على الإطلاق"
راي تقية مسؤول سابق في الخارجية الأميركية




كتب: محمد كركوتــــي

لا شيء يضرب إيران في صميمها الاقتصادي الهش، سوى الشق النفطي من العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة عليها. وهذا أمر طبيعي، عندما تحقق صادراتها ما يزيد عن 80 في المائة من مداخيلها من القطع الأجنبي، أو أكثر من 20 في المائة من ناجها المحلي الإجمالي. فالعقوبات المالية المفروضة عليها (بما في ذلك حظر التعامل مع البنك المركزي)، يمكن الالتفاف حولها من خلال عدد من القنوات، يمثل العراق بحكومته "الإيرانية" الحالية أوسعها، بالإضافة إلى "القناة" الروسية وغيرها، مع ضرورة عدم الانتباه إلى ما يُعلنه مسؤولون في الحكومة العراقية، بتشديد حركة نقل الأموال وتبديل العملات التي يقوم بها النظام الإيراني من خلال بغداد. فكلها تصريحات يجهد مطلقوها أنفسهم للعثور عمن يقبلها أو يصدقها، إلا إذا استثنينا سفاح سورية بشار الأسد، وآلته الإعلامية البائسة اليائسة. والحقيقة لا تنافس الأكاذيب العراقية، سوى السورية والإيرانية، ولا تنافسها مجتمعة إلا أكاذيب حزب الله الإيراني في لبنان، لكن في النهاية لا يوجد نوع واحد من هذه الأكاذيب ذا جودة، فهي تنكشف قبل أن ينتهي إطلاقها.

راهن نظام خامنئي على إرباك السوق النفطية العالمية، من جراء العقوبات المفروضة عليه (بما في ذلك تهديداته الفارغة بإغلاق مضيق هرمز)، لكنه خسر رهانه على الفور. فالاحتياطي النفطي العالمي مستقر، بل ويتزايد حجمه في بعض الدول، فضلاً عن سهولة سد النقص الذي قد يحدثه النفط الإيراني في هذه السوق. وإذا كان الأمر في سياق الرهانات، فإن الرهان الوحيد الذي كسب (ويكسب)، هو رهان الدول التي فرضت هذه العقوبات، والتي حاولت بشتى الوسائل السياسية أن تحول تحركات نظام طهران من جهود نووية عدوانية، إلى جهود نووية أيضاً لكنها سلمية، تخضع للرقابة الدولية، كغيرها من الدول التي سارت على نهج النزاهة والشفافية وحسن النوايا في هذا الطريق. وعلى ضوء "الضربات" النفطية الغربية، سوف تخسر إيران ما يقرب من 50 مليار دولار أميركي في غضون الأشهر القليلة المقبلة. أي نصف عوائدها النفطية تقريباً التي بلغت 100 مليار دولار في العام الماضي. وهذا يعني أنها ستدخل في نفق شح القطع الأجنبي، وإذا ما طال أمد هذه العقوبات، فإن نظام الملالي سيقضي وقته كاملاً في البحث عن دولار هنا ويورو هناك، وحتى روبية هندية وروبل روسي. لن يبحث عن الليرة السورية المتهاوية معه وبه.

ولا تكمن أزمة إيران في العقوبات النفطية الغربية عليها فقط، بل تتجاوز لتشمل تهديد الغرب للدول المستوردة للنفط الإيراني بفرض عقوبات عليها، إذا لم تخفض من حجم وارداتها بنسب كبيرة. فليس هناك حجة لهذه الدول، طالما أن المملكة العربية السعودية تعهدت رسمياً بسد النقص من النفط في السوق العالمية. وحتى لو تمكنت إيران من مواصلة بيع نسبة من حصتها المعروفة من النفط، فإنها ستبيع بأسعار منخفضة، تماماً كما هو الأمر حالياً بالنسبة للأسد الذي يبيع النفط السوري بأي سعر، بحثاً عن القطع الأجنبي من العملات الصعبة. وطبقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن العقوبات قد تخفض صادرات إيرانية النفطية إلى مليون برميل يوميا (من 2,5 مليون برميل)، أو بنسبة 40 في المائة من حجم الصادرات اليومي الكلي. وطبقاً للحالة الإيرانية الراهنة، فإنها ستضطر لبيع البرميل ما بين 80 و90 دولاراً فقط، لأن العقوبات المالية الغربية، ستجعل عملية السداد معقدة وصعبة للغاية. هذا إذا استطاعت أن تجد من يشتريه في المرحلة اللاحقة.

مهلاً.. نظام طهران سيواجه نفس الموقف حتى لو أصر (ونجح) على البيع بسعر السوق العالمية، لأن أسعار النفط مرشحة أصلاً للتراجع، والعودة إلى السعر العادل الطبيعي للبرميل في حدود 100 دولار، فضلاً عن التعقيدات والمخاطر في عمليات الشحن، وارتفاع تكاليف تأمينها. وعلى هذا الأساس، لا تفيد "عنتريات" خامنئي وأحمدي نجاد، وعليمها أن يتعلما من "العنتريات" اليائسة والمضحكة في آن معاً لمندوبهما في لبنان حسن نصر الله.

لقد قرر النظام الإيراني أن يمضي قدماً في إقامة ما أطلق عليه أحد المسؤولين الاقتصاديين في طهران "اقتصاد الحرب". فهذا النظام لا يمكنه بعد أكثر من ثلاثة عقود على وصوله إلى السلطة، أن يؤسس لاقتصاد سِلم. والحالة الراهنة للاقتصاد الإيراني، هي في الواقع حالة حرب، فرضها النظام على بلاده، لن تنال إلا من شعبه، ولا بأس من نيلها لعملائه في كل من سورية ولبنان، وأتباعه في العراق. ولا أعرف لماذا لا يعي خامنئي –حتى الآن- أن الرياح العاصفة المدمرة الكامنة في بلاده، ستنطلق مجدداً وبصورة سيقف مذهولاً أمامها. تماماً كما يقف في الوقت الراهن بشار الأسد. لا أعرف إذا ما كانوا يعرفون، أن أحداً ليس بحاجة إلى خبير في الطقس، لمعرفة اتجاه الرياح.

الاثنين، 2 أبريل 2012

في سورية .. اقتصاد الخراب الكلي

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")


«الحقائق كثيرة، لكن الحقيقة واحدة»
طاغور أديب وفيلسوف هندي



كتب: محمد كركوتـــي


استغرق الأمر عاماً كاملاً، كي يشير (لا أن يعترف) بشار الأسد وأتباعه إلى أن أزمة اقتصادية تضرب سورية، أو على الأقل، أن خسائر مادية أصابت البلاد. فقد اعتقد أن الاستمرار في الكذب ونكران الحقائق الموجودة على الأرض، سيُبقي الحقيقة الكُلية متوارية، وسيُقنع العالم بأن سورية التي تشهد واحدة من أبشع المجازر التي يرتكبها نظام ضد شعبه في التاريخ الحديث، تستطيع العيش حتى في ظل الحصار الاقتصادي المفروض على النظام، وأن هذا النظام يمكنه تلبية الحد الأدنى من حاجات المواطنين. وإذا كان الاقتصاد السوري يتداعى في أعقاب الثورة الشعبية السلمية العارمة التي تجتاح البلاد، فإنه كان قبلها يعيش أزمة خراب تاريخية، بدأت في الواقع منذ وصول الأسد الأب إلى السلطة، لتتطور بأشكال مختلفة مع وصول الأسد الابن إلى حكم لم يكن يوماً من حقه (ولا من حق أبيه)، ولتستمر وفق معطيات أخرى جديدة، إلى أن انطلق السوريون لاستعادة حريتهم. وللتذكير فقط، هذا الاقتصاد مر في العهدين غير الشرعيين، بثلاث مراحل هي: اقتصاد التفقير، واقتصاد الفقر وما دونه، واقتصاد التشبيح (أو البلطجة). وفي أعقاب الثورة، استحق بجدارة توصيف اقتصاد الخراب الكلي.

يدعي الأسد وأعوانه، أنه يستحيل حساب الخسائر الاقتصادية التي ضربت البلاد في الأشهر القليلة الماضية، وهو يوجه اللوم إلى الثورة على هذه الخسائر، على الرغم من أن العالم أجمع يعرف أن هذه الثورة قامت أصلاً لوقف خسائر إنسانية وسياسية ومعيشية، إضافة طبعاً إلى الخسائر الاقتصادية، واندلعت لتؤسس لدولة مدنية ديمقراطية طبيعية، في مقدمة عناصرها، اقتصاد وطني لا اقتصاد تستحوذ عليه أُسرة واحدة فقط، ملكت كل شيء، في إطار استكمال استحواذها على أمة بأكملها. والادعاء باستحالة حساب الخسائر الاقتصادية في ظل استمرار الأزمة، ليس إلا محاولة يائسة لإخفاء اقتصاد بائس، وأوضاع معيشية تعج بالخراب. فأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وصلت إلى مستويات تاريخية في ارتفاعها، بما فيها تلك المنتجة محلياً. وتكفي الإشارة هنا، إلى المشكلات التي تواجه عمليات استيراد مواد مثل السكر والأرز والشاي وحتى الخميرة المستخدمة في إنتاج الخبز، وهناك مصاعب كبيرة في تأمين استيراد البذور للإنتاج الزراعي، ولا سيما الحبوب، فضلاً عن مصاعب جمة في استيراد الأدوية.

وسط هذه الحقائق، تواصل الليرة السورية خسائرها بصورة يومية، لا شهرية ولا سنوية. ففي أقل من عام، فقدت 72 في المائة من قيمتها، في الوقت الذي لا يزال هناك من أعوان الأسد، من يروج لأن هذه الليرة محسودة على ثباتها! والاحتياطي المتبقي في البنك المركزي من القطع الأجنبي، بلغ قرابة تسعة مليارات دولار، منخفضاً من نحو 18 مليار دولار، تم تهريب نصف هذه الأموال إلى الخارج، واستُهلك النصف الآخر في عمليات إسناد بائسة ويائسة لليرة. وبصورة طبيعية أخذت مدخرات السوريين تتبخر حقاً. فمن كان يحتفظ في جيبه بألف ليرة قبل عام، باتت تساوي الآن قرابة 300 ليرة فقط. وهذا ما يبرر إقدام السوريين على سحب ودائع بلغت قيمتها في عام واحد أكثر من 100 مليار ليرة سورية، أو 30 في المائة من إجمالي الودائع في المصارف. في هذه الأجواء توقفت الغالبية العظمى من أعمال الإنشاءات والبناء والتشييد والإسكان، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد المستخدمة فيها. أما القطاع السياحي الذي كان يشكل رقماً مؤثراً في الاقتصاد، فلم يحقق شيئاً طوال العام الماضي.

ليس صعباً حساب الخسائر التي ضربت الاقتصاد في سورية، حتى في ظل استمرار الثورة الماضية حتى النهاية لإسقاط الأسد ونظامه. فأسعار المواد الاستهلاكية والأولية وتلك المرتبطة بالبناء والتشييد، والأدوية، والمواد المستخدمة في الإنتاج الزراعي، تسير كلها نحو الارتفاع، وفي بعض الأحيان بصورة أسبوعية. وقيمة الليرة السورية ستواصل الانخفاض، خصوصاً بعدما فشلت كل المحاولات للحفاظ على مستوى ثابت لها، بما في ذلك فرض رقابة مشددة على تصريف العملات الصعبة، وشن حملات ضد مكاتب الصرافة، والتعويم الجزئي الغريب لليرة قبل ثلاثة أشهر، وسيواصل السوريون سحب ما أمكن لهم من ودائعهم، لتحويلها إلى عملات أخرى تضمن ما تبقى من قيمتها. ولكن مهما بلغت الخسائر المادية والاقتصادية الشخصية والعامة، فإنها لا تمثل شيئاً أمام الخسائر البشرية التي يتعرض لها السوريون في كل أرجاء بلادهم، بل هي في الواقع، خسائر طبيعية لحملة وحشية بربرية ضد شعب أعزل.

في مقال سابق لي، أشرت إلى أن الاقتصاد السوري يسير إلى الزوال الفعلي جنباً إلى جنب مع زوال بشار الأسد ونظامه. فالزوال سيشمل كل ما يمتلكه هذا النظام، وفي مقدمة ممتلكاته.. الاقتصاد نفسه. وسيسهم تدهور الاقتصاد (بوضعيته الراهنة) في تسريع رحيل الأسد، لأن الخراب وصل إلى لقمة العيش وإلى الدواء وإلى التفاصيل المعيشية اليومية للفرد السوري. وهنا لا أعني أولئك الذين هبوا لإزاحة الأسد، بل الذين لا يزالون يعتقدون أن نظام هذا الأخير، لا يزال قابلاً للحياة.

نظام واقتصاد معًا إلى الهاوية

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")


''خراب فوق آخر، هزيمة فوق أخرى، يجعلان من التشوش أكثر إرباكًا''
جون ميلتون شاعر ومؤرخ إنجليزي


كتب: محمد كركوتــــــي

مع تحطيم الدولار الأمريكي أرقامًا قياسية في سورية (ستبلغ قريبًا مرحلة ''حرب إبادة'' لليرة السورية، في سياق حرب الإبادة التي يشنها بشار الأسد ضد الشعب السوري)، ومع ارتفاع حجم السحوبات المالية التي قام بها السوريون في الأشهر الماضية، ومع عجز هائل في الموازنة العامة، ومع انكماش محقق للاقتصاد في العام الجاري، ومع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الرئيسة، ومع بلوغ مداخيل السياحة الرقم صفر، ومع ارتفاع مؤكد للدين الخارجي يصل إلى تسعة مليارات دولار أمريكي، وأيضًا مع تراجع الإنتاج الزراعي والصادرات، وتفاقم معدلات البطالة والفقر.. مع كل مؤشرات الخراب هذه، لا يزال الأسد (ومعه أعوانه)، يعتقد أن الاقتصاد سينجو، وكأن نظامه الوحشي البربري هو نفسه سينجو من الفظائع التي ارتكبها (ويرتكبها) بحق شعب أراد فقط حرية لاختيار من يحكمه. ولا أعرف إذا كان يعلم أن الأمر لم يعد بحاجة إلى أرقام، لاستكشاف آفاق هذا الاقتصاد. فيكفي استعراض ما يجري على الأرض، لتكتمل صورة الخراب الاقتصادي، بل يكفي إلقاء نظرة على القوانين والقرارات المتضاربة التي ساهمت في تسريع وتيرة الخراب.

منذ اندلاع الثورة الشعبية السلمية العارمة، حاول بشار الأسد وأعوانه، إخفاء حقيقة الوضع الاقتصادي الذاهب ''بقوة'' إلى الخراب. فقد أثبتت هذه الثورة مرة أخرى أن ما يوجد في سورية لم يكن اقتصادًا وطنيًّا، بل كان (ولا يزال) اقتصادًا أُسريًّا يتصرف فيه (بل يمتلكه) عدد محدود من الأشخاص، صادف أنه مرتبط بأمة بأكملها! ولأنه ليس وطنيًّا، فقد كان من الطبيعي أن يتداعى سريعًا. والحقيقة كان هذا الاقتصاد مؤسسًا على الخراب، وما فعلته الثورة أنها نقلت الأساس إلى السطح، وكشفت كيف أن نظام الأسد الأب والابن، لم ينهب البلاد ومقدراتها فحسب، بل لم يترك مجالاً ولا أملاً لإصلاح اقتصادي ما في المستقبل. ولذلك، فإن على السوريين الذين يستعدون لبناء وطنهم سياسيًّا بعد زوال الأسد إلى الأبد، أن يعيدوا بناء اقتصاد جديد من الصفر، بنقله من معايير وسلوكيات اقتصاد قطاع الطرق، إلى معايير الاقتصادات التي تستحقها سورية الحرة وتليق بها.

لا أعرف لماذا يُجهد المحللون الاقتصاديون أنفسهم، لقراءة ما إذا كان الأسد قادرًا على إعادة الاستقرار لاقتصاد سورية أم لا؟ هذا الأمر لا ينطبق على سورية؛ لأن الاقتصاد لم يكن مستقرًّا فيها على مدى ثلاثة عقود على الأقل، إلا إذا اعتبرنا أن عملية تخريب الاقتصاد كانت مستقرة طوال هذه العقود. وقراءة مستقبل أي اقتصاد، عملية تتطلب أرقامًا وإحصائيات ودراسات وبحوث نزيهة، إن لم تكن محايدة، وهذا ما لم تشهده سورية طوال الفترة المذكورة. وعلى هذا الأساس كانت المؤسسات الدولية المختصة، تقرأ الاقتصاد في سورية، وفق تقديرات كانت حريصة دائمًا على إطلاق آمال بأن تكون قريبة من الواقع. ورغم المحاولات الدولية المستمرة مع الأسد الأب والابن، للسماح باستكشاف حقيقة الأرقام والإحصائيات التي تعطي مؤشرات على وضعية الاقتصاد، إلا أنها كانت (ولا تزال) تصطدم برفض حاسم. فهل حدث أن كشفت العصابة (أي عصابة) طواعية عن مسروقاتها؟

الاقتصاد ''السوري'' الآن لا يتجه إلى الانهيار وحده، بل يسير ومعه بشار الأسد ونظامه. فما بدأته هذه الثورة التاريخية، سينهيه حتمًا الاقتصاد، خصوصًا مع تضييق الخناق الاقتصادي حول رقبة الأسد، بما في ذلك الجولات الجديدة من العقوبات الأوروبية والأمريكية عليه، فضلاً عن تفعيل العقوبات العربية ضده، في حين ليس مضمونًا أن يواصل النظام الإيراني توفير الإمدادات المالية له إلى ما لا نهاية، بسبب المصائب الاقتصادية التي تعيشها إيران نفسها، والضغوط الشعبية المتعالية على نظام الملالي من جهة الاقتصاد. فمع وصول سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 80 ليرة سورية، وسحب أكثر من 100 مليار ليرة من الودائع خلال أقل من سنة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض هذه الودائع بنسبة 30 في المائة، (علمًا بأن هذه الأرقام والنسب تقديرية، وعادة ما تكون أعلى من ذلك في معظم الحالات)، ومع توقف غالبية القطاعات الإنتاجية والخدماتية، بات على الأسد أن يفكر إذا ما كان يستطيع أن يدفع رواتب الموظفين الحكوميين في الأشهر القليلة المقبلة، إذا ما نجح أصلاً (خلال هذه الأشهر) البقاء في السلطة.

ليس هناك الكثير من الوقت أمام الأسد لتسويق أوهام اقتصادية للسوريين والعالم، بما في ذلك ''إيمان'' أعوانه بأن سورية محسودة على اقتصادها وليرتها! لقد بلغ الاقتصاد حافة الهاوية، التي هي نفسها يسير إليها النظام نفسه، الذي يصر على أنه يستطيع تغيير البدهيات، عن طريق مواصلة حرب الإبادة التي يشنها على الشعب السوري. وإذا كان لا يقرأ التاريخ (أو لا يفهمه، وهذا مرجح)، ألا يوجد شخص بجانبه يبلغه بأنه لم يحدث على مر التاريخ أن انتصر نظام على شعب أو أمة؟