الاثنين، 28 نوفمبر 2011

قارئة فنجان لليرة السورية!

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")

"غالبية الناس عنيدون في متابعة مسيراتهم التي اختاروها في الحياة، لكن القليلين منهم يحققون الأهداف في هذه المسيرات"
فريدريك نيتشه فيلسوف ألماني



كتب: محمد كركوتــــي

سيطبع بشار الأسد الأوراق النقدية السورية في روسيا. هكذا قال حاكم مصرفه المركزي، الذي لا يزال مُصراً على أن سورية محسودة و "العين تضربها"! دون أن يحدد الحاسدين، والمواقع التي أُصيبت بها البلاد "بعيون الحساد"، بينما لم يُعلن عن هوية "شيخ الطريقة الاقتصادي"، الذي ستلجأ له سورية لفك الحسد. ولا أعرف إن كان الدعاء بـ "الخمسة وخميسة" لا يزال يفقأ عيون الحاسدين! في الوقت نفسه، يقول وزير اقتصاد الأسد إن سورية تمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها. لن أتحدث هنا عن الاكتفاء الذاتي الذي روج له الوزير، كحل أمثل للوقوف في وجه العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على الأسد وأسرته وأعوانه. فحتى الولايات المتحدة الأميركية بقوتها الاقتصادية الكبرى، تجد صعوبة شديدة في الحديث عن اكتفاء ذاتي محلي، فكيف الحال، باقتصاد سوري انتقل على مدى أربعة عقود من الحالة الوطنية إلى الوضعية الأسرية الخالصة، أو شبه الخالصة؟! فقد كان على وزير الاقتصاد، أن يستعرض حالة واحدة في التاريخ مشابهة للحالة السورية، نجحت عن طريق الاكتفاء الذاتي، في مواجهات عقوبات اقتصادية متصاعدة. وهو يرى –وأنقل بالحرف عنه-: "ضرورة الاهتمام بالزراعة والغذاء، اللذين عانيا من الاهمال خلال السنوات الاخيرة".. ولكن مهلاً، من كان وزيراً للزراعة في هذه السنوات؟ الجواب يا وزير هو، رئيس الوزراء الحالي! أي أن الخراب الزراعي كان ثانوياً، ليصبح الآن رئيسياً.

أعود إلى الليرة السورية التي ستطبع في روسيا. بما أن خبراء الأسد الاقتصاديين يتحدثون عن الحسد، فأقترح عليهم "قارئة فنجان" قهوة سورية (لا تركية بالطبع في هذا الوقت بالذات) لمستقبل الليرة، التي اعتادت المهانة الاقتصادية و"التشبيحية" طوال عقود. وأزعم أنها (أي القارئة) ستقول: أمامكِ طريق قصير جداً، سيزداد عددكِ، وستقل قيمتك فيه. ستكونين جديدة بلا ثمن، منتشرة بلا قبول، ولا أرى حجاباً في هذه الدنيا، يقلل من عددك ويرفع من قيمتك. وإذا كانت هذه القارئة شجاعة بما يكفي، فإنها ستقول: إنكِ بلا ثمن، تماماً كما هي دماء السوريين العزل عند سلطة لا شرعية.

يروج الأسد وأعوانه، أنهم هم الذين يختارون المكان الذي تُطبع فيه أوراق النقد السورية، في إشارة إلى حظر المطابع التقليدية الأوروبية طباعة هذه العملة (وبشكل خاص المطابع النمساوية) في إطار العقوبات الأوروبية ضده. والحقيقة أن هذا ليس صحيحاً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر ببلد كسورية لا أحد يثق بتركيبته الاقتصادية، حتى القائمين عليها. فالمعايير الفنية (المرتبطة بالتصميم لا بقواعد الأمان) في طباعة الأوراق النقدية، هي بالتأكيد من حق أصحاب هذه الأوراق، مع الإشارة هنا، إلى أن واحدة من أسوأ التصميمات السورية هي ورقة الألف ليرة التي تحمل صورة الأسد الأب. وربما كان هذا فأل نحس على هذه الورقة. وإذا كان الأمر متعلق بأوراق نقدية لحساب بلد يعج بالسرقات والنهب، وامتلاك أفراد للبنك المركزي "الوطني" فيه، فلا تعود حرية انتقاء المطابع خياراً. هناك استحقاقات رقابية لن توفرها دولة منحازة لسلطة غير شرعية (كروسيا)، التي هي نفسها تحوم حول اقتصادها الكثير من الشبهات. فكيف يمكن أن يقبل العالم بأوراق نقدية، لا توجد جهة ذات مصداقية يمكنها أن تحدد أعدادها؟! ولا تستطيع في الوقت نفسه، أن تقدم سنداً (أو تغطية أو رصيداً) واقعياً لهذه الأوراق!

والحقيقة أن خبراء الأسد من الاقتصاديين (كما خبرائه لشؤون القتل والسحل والتعذيب والاعتقال والتهجير والتشريد)، يسقطون في مطب ليقعون في آخر على التوالي، وهذا أمر يبرز مرة أخرى مدى اليأس الذي يعيشونه، ومعه التخبط الاقتصادي المريع، والرعب من انطلاق عصيان مدني لن يكون بعيداً. فقد وجدوا، أن طباعة الأوراق النقدية محلياً بلا رصيد، دفعت المؤسسات الأجنبية على الفور لرفض التعامل بهذه الأوراق، خصوصاً تلك من فئتي الـ 500 والألف ليرة. فلم تُملئ رائحة الحبر الجديد والألوان الزاهية والتصاميم المبتكرة، فراغ القيمة. وما كان ينفع في ثمانينات القرن الماضي، لم يعد يصلح في زمن التحولات التاريخية الراهنة. وفي الوقت الذي ينظر فيه العالم (الآسف على قتل المدنيين العزل في سورية على مدار الساعة)، بعين الاستهجان والامتعاض مصحوبة بمشاعر الغضب من موقف روسيا الداعم بصورة مباشرة لعمليات القتل هذه، يتوجه الأسد إلى هذا البلد لطبع أوراقه النقدية باسم سورية.

إن قيمة ما سيُطبع من أوراق نقدية سورية في روسيا، لن تكون أعلى من قيمة تلك التي طبعها الأسد الابن، في أعقاب انطلاق الثورة الشعبية السلمية العارمة. ستكون مجرد أوراق، ستسرِع عمليات التداول بها بالوزن، لا بالعدد، إذا ما طال بقاء سلطة، ربما تطبع في مرحلة لاحقة، أوراقاً نقدية تستبدل اسم الجمهورية العربية السورية فيها، باسم جمهورية الأسد وشركاه، ولا بأس من أوراق بفئات دنيا، تحمل اسم جمهوريته العائلية وأعوانه.

الأربعاء، 23 نوفمبر 2011

وفد المبادرة الوطنية السورية يلتقي بنبيل العربي


القاهرة:

التقى الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد نبيل العربي مع وفد من (( المبادرة الوطنية لتوحيد المعارضة السورية )) . وقدّم الوفد من خلال اللقاء نسخة من المبادرة التي أُعلنت في القاهرة بتاريخ 20-11-2011 .
وأكد الوفد على ضرورة توحيد جميع أطياف المعارضة السورية ، وأشار إلى جهود الجامعة العربية لحل الأزمة في سوريا طالبين تفعيل هذا الدور .
وأوضح وفد المبادرة الوطنية لتوحيد المعارضة السورية جهود المبادرة المبذولة في اطار توحيد المعارضة أنه لايحق لأي طيف من الأطياف الادعاء بتمثيل الشارع السوري أو الثورة السورية لوحده . ولفت الوفد إلى أنه لاعودة عن قرارات الجامعة العربية ، وأن الأمانة الملقاة على عاتق الجامعة والمعارضة على حد سواء كبيرة جدا .
وطلب وفد المبادرة الوطنية من الأمين العام دورا فاعلا للجامعة العربية بحيث يكون أكبر من دور الرعاية نحو الإشراف والمساعدة باتجاه تجميع المعارضة السورية.
وتباحث الجانبان دعوة الجامعة العربية لمؤتمر توحيد المعارضة ، وامكانية تشكيل لجنة تحضيرية لهذا المؤتمر تضم كافة أطياف المعارضة .ونبّه وفد المبادرة الى أن النظام السوري لا يرى في مبادرات الجامعة العربية إلا مزيدا من الوقت للقتل والتنكيل .وحضّ على وجوب ارسال لجنة اغاثة فورية للشعب السوري المنكوب .
وشدد الأمين العام للجامعة العربية على أن الجامعة سترسل بعثة المراقبين العرب إلى المناطق الساخنة لكن الوفد نبّه أن السلطات السورية تقوم بتغيير معالم المناطق التي قام النظام بقصفها ، وطالب الأمين العام للجامعة من أعضاء الوفد التواصل لاعطاء الجامعة خريطة تجمع المناطق الساخنة التي ستزورها بعثة المراقبين العربية واطلاعه على التطورات في الملف السوري.
وضمّ الوفد مجموعة من المشاركين بالمبادرة وهم:
1- صلاح بدر الدين
2- نوفل معروف الدواليبي
3- وحيد صقر
4- بهية مارديني
5- ضياء دغمش
6- حازم العرعور
7- د.عمار قربي

القاهرة في 23-11-2011

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

أسهل وسيلة عربية لخنق الأسد اقتصادياً

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")








"لكي نوقف القتل الأعمى الذي يقوم به نظام الأسد في سورية، سوف نواصل فرض المزيد من العقوبات على هذا النظام"
وليم هيج وزير خارجية بريطانيا

 
 
كتب: محمد كركوتــــي
 
ما أسرع وأسهل طريقة لبدء فرض عقوبات اقتصادية عربية على بشار الأسد وأسرته وأعوانه، في سياق تصاعد حدة الموقف العربي سياسياً وإجرائياً؟ الجواب جاهز لدى أي مراقب أو متابع، بل وأي فرد لا يعرف "فنيات" العقوبات، وهو تجميد أرصدة الأسد وأركان سلطته من السوريين، وأعوانه من غير السوريين. والأمر ببساطة يحتاج إلى كشف المصارف العربية، ما تخزنه من هذه الأموال المنهوبة، وجهود استخباراتية للكشف عن الأرصدة المالية التي خُبئت في حسابات وهمية، أو حسابات بأسماء أشخاص لا تمت بصلة ظاهرية للزمرة المستهدفة. وليس صعباً في هذه الأيام، أن تصل إلى هذه الحسابات، مع ظهور أدوات كشفٍ جديدة على الساحتين العربية والعالمية، لم تفرزها في الواقع (مع الأسف) ضرورات الكشف عن الأموال المنهوبة، بل أوجدتها القوانين والمعايير التي فرضتها الأزمة الاقتصادية العالمية. بمعنى آخر، لو لا هذه الأزمة، لبقيت الأدوات المشار إليها صدأة بلا جدوى.

وتجميد أرصدة سلطة تشن حرب إبادة ضد شعبها الأعزل، لا يحقق فقط الهدف الأول الآني، وهو قطع بعض الإمدادات المالية عن هذه السلطة، التي تستخدمها منذ تسعة أشهر لتمويل هذه الحرب، بل يوفر الأرضية المثلى (على الساحة العربية)، لإعادة هذه الأموال إلى شعب نُهبت منه على مدى أكثر من أربعة عقود، لتدخل (بعد الزوال الحتمي للأسد وأسرته وأعوانه)، في المهمة الكبرى، وهي بناء اقتصاد وطني حر نزيه، بعد عقود تحول فيها الاقتصاد السوري من وطني إلى أُسري، عن طريق اقتصادات "مبتكرة" فردية لم تحدث في التاريخ، وهي على التوالي: اقتصاد التفقير، واقتصاد الفقر وما دونه، واقتصاد "التشبيح". وعلى هذا الأساس، فقرار تجميد أرصدة الأسد، ليس لقهره وقهر سلطته اللاشرعية، وتجفيف منابعه المالية فحسب، بل للقيام بواجب إعادة حق مسلوب لشعب لم يتبقى له ما يملك.. إلا كرامته.

بات واضحاً، أن جزءاً كبيراً من أموال الأسد وزمرته، تحرك في الأشهر الماضية بين الدول، هرباً من موجات العقوبات الاقتصادية التي أطلقتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وعدد من الدول المؤثرة على الساحة الدولية، وصب قسم منها في بعض الدول العربية، وفي مقدمتها لبنان. والحقيقة أن هذه الأموال تحركـت، حتى قبل اندلاع الثورة الشعبية السلمية العارمة في سورية، باتجاه بلدان بعينها، هرباً من الملاحقات الأميركية (تحديداً) للأموال السورية المنهوبة. ومع معرفتي (ومعرفة الجميع طبعاً) بوجود حكومة "سورية إيرانية" في لبنان، إلا أن الدول العربية المؤثرة، وبالتعاون مع الدول الكبرى، تستطيع أن تعري أكاذيب المسؤولين المصرفيين اللبنانيين، بأنه لا توجد أموال سورية مهربة فيها، ويمكنها بعد ذلك (بالتأكيد)، أن تجبر هذه الحكومة المستقلة عن بلادها، على تجميد أرصدة الأسد وأعوانه. ولعل من المفيد الإشارة، إلى أن ما بين 20 و23 مليار دولار أميركي، هُرِبت من سورية إلى لبنان في الأشهر الأربعة الأولى للثورة الشعبية السلمية في البلاد.

أما فيما يتعلق بالدول العربية، التي تبذل حالياً جهوداً مضنية، للوصول إلى مجموعة من العقوبات تفرضها على الأسد، دون أن تطال الشعب السوري الذي يعيش ظروفاً معيشية مريعة، حتى قبل ثورته، فإن قوائم الأشخاص الذين يستحقون تجميد أرصدتهم جاهزة، وقد وردت بصور متتالية في العقوبات المتلاحقة الأميركية والأوروبية. أي أن الأمر لا يحتاج لمزيد من الوقت والجهود الاستخباراتية، لتحديد الأسماء الناهبة لثروات ومقدرات السوريين. وبعد ذلك، تستطيع الدول العربية بمجلس "جامعتها" الاقتصادي والاجتماعي، مدعوماً بالمجلس الوزاري "لـلجامعة"، أن تتفرغ لوضع قائمة عقوبات اقتصادية "ذكية" على السلطة في سورية، مستفيدة أيضاً من بحوث واستنتاجات الأميركيين والأوروبيين بهذا الصدد، الذين استفادوا وتعلموا في الواقع، من فوضى العقوبات التي فرضوها على العراق في عهد صدام حسين.. تلك العقوبات التي نالت من الشعب العراقي، دون أن تنال من المُستهدَف نفسه. بمعنى آخر، أن عقوبات اليوم، لم تعد كعقوبات الأمس. فهي خاصة محددة وقاصمة لمعذبي الشعوب، لا للمعذَبين.

ورغم "ذكاء" العقوبات الجديدة و"تهديفها" المصوب، فإنها تفقد "ذكائها" وهدفها نهائياً إذا ما طال أمد بقاء السلطة (أو النظام) المُستهدَف. فالصرامة الاقتصادية لن تحقق غاياتها، إلا بصرامة سياسية أقوى.. وفي بعض الحالات، إلا بصرامة ميدانية.

مرة أخرى، ليس أسهل وأسرع على العرب حالياً، سوى إطلاق حملة تجميد أرصدة الأسد وأعوانه وأسرته، وهم (أي العرب) يملكون غطاءً أخلاقياً لا أحد يستطيع الدخول في جدل حوله. لينظروا إلى الثروات السورية المنهوبة على مدى أكثر من أربعين عاماً، ليراجعوا كيف أمكن لشخص واحد في سورية (رامي مخلوف ابن خال الأسد الابن) السيطرة على ما بين 60 و65 في المائة من اقتصاد البلاد، ليستعرضوا كيف سرق رفعت الأسد (شقيق الأسد الأب)، كل موجودات المصرف المركزي، ووضع مكانها أوراقاً نقدية سورية بدون سند أو رصيد.. ليتذكروا المساعدات التي قدموها للأسد الأب والابن، ولم يشهدوا آثارها على الأرض.

الأحد، 20 نوفمبر 2011

المبادرة الوطنية لتوحيد المعارضة السورية










انطلاقا من احساسنا بالمسؤولية تجاه اخوتنا وألنا والثوار في داخل سورية وخارجها ، ووفاء لدماء شهداءنا ، ولايماننا العميق بان توحيد الجهود والعمل المشترك هو من أهم الاسباب التي تسرع في اسقاط النظام الغاشم المجرم ، وفي ظل عدم وجود رؤية مشتركة موحدة تعبر عن مطالب الشعب وغياب جسم معارض موحد يحظى بثقة السوريين والمجتمع الدولي كبديل مرحلي حقيقي ينتزع اعتراف المجتمع الدولي ويعتمد كمفاوض وسفير حقيقي للثورة والشعب.


فقد عقدنا العزم على أن نطرح مبادرتنا الرامية للتخاطب مع كافة مكونات وقوى المعارضة السورية بهدف الوصول إلى صيغة مشتركة تقرّب جميع وجهات النظر وترأب أي صدع موجود منطلقين من إيماننا بوطنية غالبية القوى العاملة واهدافها ، مستمدين الشرعية الوطنية من شعبنا وثوارنا الصامدين وشعاراتهم وأهدافهم ومن دماء الشهداء ,وسنبقى دعاة الوحدة والتفاهم مع جميع الأطراف وكل من يعمل من أجل اسقاط النظام وفق الأهداف والمهام التالية :

الأهداف والمهام :

1- إسقاط النظام بكامل أركانه وعلى رأسه بشار الاسد.

2- مطالبة المجتمع الدولي بحماية المدنيين.

3- ايجاد منطقة آمنة او أكثر مع حظر جوي فوق السماء السورية.

4- المطالبة بتفعيل سحب الشرعية الدولية عن النظام وعزلـه.

5- إحالة الملف السوري فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان الى مجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية.

6- دعم الجيش السوري الحر والمنشقين ودعوة الجيش للانشقاق.

7- دعوة كوادر الدولة للانحياز لقضية شعبها المنادي بالحرية.

8- مطالبة الجهات الدولية بالحجز على كافة الحسابات والاموال التي تعود للنظام وكافة أركانه.

9- التعاون مع هيئات الاغاثة الدولية لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمهجرين والمعتقلين.

10- الضغط من أجل اطلاق سراح جميع المعتقلين.

11- العمل مع كافة المنظمات والجهات العربية والدولية بمافيها جامعة الدول العربية في كل مايخدم قضية شعبنا ويسرع في اسقاط النظام.

الــرؤيــا :

بناء دولة سورية الحديثة قائمة على أسس الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والتعددية والتوافق بين مكوناتها الوطنية بعد تفكيك نظام الاستبداد الشمولي العائلي. واعادة هيكلة جميع مؤسسات الدولة بما يكفل تحقيق المبادئ التالية :

1. سورية دولة مدنية ديموقراطية تعتمد النظام البرلماني والتداول السلمي للسلطة والفصل بين السلطات الثلاثة .

2. سورية الجديدة وطن لكل السوريين بكامل مكوناتهم العرقية والدينية والسياسية مع الغاء مصطلح الاقليات من القاموس السياسي السوري.

3. الالتزام بكافة المعاهدات والعقود والاتفاقيات الدولية ، والتصديق على كافة المواثيق المتعلقة بحقوق الانسان.

4. إقامة علاقات دولية مبنية على المصالح الوطنية.

5. الدعوة إلى تشكيل لجنة من الخبراء والمختصين تقوم باعداد مسودة دستور جديد يعرض على الاستفتاء العام .

6. تشكيل لجنة الانصاف والمصالحة في إطار برنامج العدالة الانتقالية لرد الحقوق والمظالم الى أهلها ونشر ثقافة التسامح في المجتمع.

7. العمل على إيجاد حل عادل وشامل لكافة القضايا بشكل عام والقضية الكوردية بشكل خاص يضمن رفع الاضطهاد عن كاهل الكورد وغيرهم من القوميات والمكونات السورية الاخرى والاستجابة لحقوقهم القومية ضمن سورية الواحدة وضمان ذلك في بنود مشروع الدستور.

يؤكد المجتمعون رغبتهم الأكيدة في توحيد الجهود الوطنية والعمل المشترك مع كافة مكونات المعارضة السورية وعليه تم تشكيل لجنة اتصال مع جميع هذه القوى للوصول لرؤية مشتركة وجسم موحد يخدم القضية الوطنية وسنوافى شعبنا بنتائج هذه الاتصالات خلال اسبوع من الان علما ان اعضاء اللجنة هم:

أعضاء اللجنة:

الدكتور/ صادق جلال العظم ، الدكتور عبدالرزاق عيد ، نوفل الدواليبي ، صلاح بدر الدين ، وحيد صقر ، بسام جعارة ، مشل الطحان، الدكتور/ عمار القربي ، بسام انطوان بيطار ، حازم العرعور، ضياء الدين دغمش ، الدكتور/ رضوان باديني ، السيدة/ خولة يوسف ، الدكتور/ عمرو العظم ، محمد كركوتي ، شادي الخش، الأمير/ جمال الشايش، صلاح الدين بلال ، السيدة/ ايمان شاكر، سيد السباعي ، وسيم الابازيد، فهد النجرس ، ماهر اسبر، أمير الدندل ، لما التلاج ،ممدوح راكان الطحان.

القاهرة : السبت 20-11-2011



الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

المساعدات المالية المنهوبة في سورية

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")








"سنكون غير أخلاقيين لو سمحنا لهذا المصاص أن يحتفظ بالأموال التي سرقها"
ونستون تشرتشل رئيس وزراء بريطانيا الراحل

 
 
 
كتب: محمد كركوتــــي
 
في منتصف تسعينات القرن الماضي جمعتني جلسة خاصة في لندن، مع حاكم عربي راحل كان ساخطاً بصورة عبرت عن مكنونات الغيظ والغضب بداخله حيال حافظ الأسد (الأول والأخير). ومن فرط غضبه وامتعاضه، خرج (وربما لأول مرة في حياته)، عن تحفظه النادر في الهجوم على أي حاكم عربي، حتى ولو كان في جلسات خاصة ومحدودة جداً. كان يؤمن بأن انتقاداً بسيطاً لحاكم عربي ما، لن يولد سوى أزمة (وربما أزمات) في بيئة سياسية عربية، تعج بكل "معاول" ومحفزات صناعة الأزمات. وبتعبير شعبي "نحنا مش ناقصين".

أما لماذا كان هذا الحاكم ساخطاً وغاضباً وممتعضاً من الأسد الأب؟ فلأن هذا الأخير رفض وهاجم (بعد أن انتقد) خطة وضعها الحاكم العربي، لتحويل المساعدات المالية المباشرة التي كانت تقدمها بلاده لسورية، إلى مشاريع تنموية يشرف عليها مختصون من الدولة المانحة، وذلك بعد أن تأكد له ولدوائره المختصة على مدى سنوات، أن هذه المساعدات لا تنتهي في محطاتها الطبيعية، بل تستقر في خزائن الأسد وأسرته، ولا بأس من الأعوان الذين يقدمون الخدمات الأهم له، وهي تلك التي تحصن وتحمي سلطته غير الشرعية. وعلى الفور قرر هذا الحاكم العربي الغاضب، أن يحتج على الأسد الأب (الذي بهجومه على خطة المساعدات الجديدة، عزز المعلومات بأنها تُسرق)، بأن اختصر أيام زيارته الرسمية لسورية، بحجج دبلوماسية عرف الجميع أنها وهمية.

والحقيقة، أن الدولة العربية المانحة هذه، عممت في منتصف العقد التاسع من القرن الماضي، تحولها الجديد على غالبية البلدان التي تتلقى منها المساعدات، بغية أن تصل هذه المساعدات فعلاً إلى مستحقيها. إلا أنها وجدت صعوبات لا حدود لها مع حافظ الأسد من بعده ابنه بشار. فالأب (ومنذ مطلع سبعينات القرن الماضي) تعاطى مع سورية، كمتصرفية عائلية خاصة، "تصادف" أن يكون فيها شعب، فمَلَك نفسه هذا الشعب، وتخلص في الوقت نفسه من غير المرغوب فيهم. وعندما مات الأب، وجد بشار الأسد (الوريث غير الشرعي لأي شيء في سورية)، نفسه مالكاً لجمهورية ومعها الشعب هدية. وعلى هذا الأساس، استهجن الأسد الأب واستشاط غضباً، أن تكون المساعدات المالية، عبارة عن مشاريع تنموية يشرف عليها مانحوها على المديين المتوسط والبعيد.

تتشابه المساعدات المالية التي تلقاها الأسد الأب والابن، بعوائد النفط السوري المنهوب على أيديهما، مع فارق وحيد، هو أن الشعب السوري كان يستفيد من نسبة ضئيلة جداً من المساعدات، لا أحد يستطيع أن يحددها، بينما لا ينتفع فرد سوري واحد من عوائد بلاده النفطية. وهذه النسبة، ليست سوى وسيلة تمويه للمساعدة على سرقة المساعدات. فعلى مدى أربعة عقود تلقت سورية مساعدات مالية عربية لوحدها تبلغ 30 مليار دولار أميركي، أي ما يوازي 750 مليون دولار في العام الواحد، أو ما يساوي 3 مليون دولار يومياً، وذلك طبقاً للبنك الدولي، الذي أورد في تقرير له أن سورية ومصر انفردتا لوحديهما، بـ 47 في المائة من المساعدات العربية للدول العربية، التي بلغ مجموعها 136 مليار دولار. ورغم تردي أسعار النفط في الأسواق العالمية في فترة ثمانينات القرن الماضي وتسعينياته، إلا أن وتيرة المساعدات العربية لسورية لم تتراجع كثيراً، على اعتبار أنها دولة مواجهة، رغم أنها لو تواجه أحداً منذ حرب 1973 إلا شعبها. ولأن الأسرار لا تبقى عادة في مخابئها، فقد أظهرت وثائق روسية، أن التعاون العسكري بين حافظ الأسد والاتحاد السوفييتي السابق، وفر للأسد أكثر من 12 مليار دولار أميركي من قيمة المعدات العسكرية، وهو بذلك حصل على مساعدات للمجهود الحربي، من السوفييت والعرب، في حين لم تصل تكاليف تسلح الجيش السوري (الذي يقتل السوريين العزل حالياً) إلى أكثر من 15 وفي أفضل الأحوال إلى 18 مليار دولار، وفق التقديرات المحايدة! يضاف إلى ذلك، أن نسبة المساعدات الخارجية الكُلية لسورية بلغت في عقدي الثمانينات والتسعينات أكثر من 60 في المائة من الإيرادات!

في سورية تُعتبر المساعدات العربية تحديداً (كما النفط السوري) من أسرار أمن الأسد وأسرته، فقد فشلت كل الجهات الرقابية العربية والدولية، في تحديد الآثار التنموية لهذه المساعدات على الساحة السورية، وظلت التنمية ما دون الحد الأدنى، مقارنة مع أي دولة تتشابه اقتصادياً مع سورية، فمعدلات الفقر ارتفعت ومعها البطالة، وانتقلت الشرائح المتعددة في المجتمع السوري من حالة دنيا إلى وضعية أدنى، بفعل اقتصاد مريع يستحق بجدارة توصيف "اقتصاد الهلاك"، الذي مر بمراحله المريعة "التفقير، والفقر وما دونه، والتشبيح". ولا توجد مساعدات مالية، مهما علت قيمتها، يمكن أن تصمد أمام هذه الأنواع من الاقتصادات المبتكرة. فلا غرابة إذن.. ألا تظهر آثار 30 مليار دولار في سورية. المحاولات التي قامت بها الدول العربية المانحة، من أجل أن تصل أموالها إلى مستحقيها السوريين، ولتنمية اقتصاد متهالك ومشوه، اصطدمت بممانعة الأسد الأب والابن. فنجاح المحاولات العربية، يعني بالضرورة "قطع الدم" عن واحد من الأوردة المالية التي تعيش السلطة بها.

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

في سورية «مُندس» اقتصادي

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")




''الأفضل أن تبقى صامتا وتعطي الانطباع أنك أحمق، على أن تتحدث وتزيل الشكوك حول حمقك''
مارك توين كاتب وأديب أمريكي



كتب: محمد كركوتــــي
 
لأول مرة منذ حافظ الأسد (الأول والأخير)، إلى بشار الأسد (الأول والأخير أيضا)، يُعلَن رسميا في سورية عن طبيعة وحجم الموارد العامة، رغم كل الشكوك حول الأرقام. فعلى مدى أكثر من أربعة عقود، كانت هذه الموارد تدخل (دون إعلان ذلك بالطبع) ضمن نطاق الأمن القومي، ولكنها في الحقيقة، تصب في إطار أمن السلطة في البلاد، التي مزجت بين أمنها الخاص وأمن الوطن، ووحَّدت حالة الدولة فيها وليس العكس. هذه السلطة (كما الحكومات المارقة التي اندثرت في هذا العالم) تخفي ثروة البلاد، ليس خوفا من الحسد، ولكن حفاظا على إمدادات مالية سرية منهوبة، تكفل لها الاستمرار في الحكم أطول فترة ممكنة، وتوفر لها أرضية صلبة لتوريث السلطة من الأب إلى الابن إلى الحفيد.. وإلى حفيد الحفيد! وكلنا يعرف، أن السارق لدولار واحد أو السارق لمليارات الدولارات، لا يتركان قائمة بمسروقاتهما. وكنت قد أشرت في مقال سابق لي، إلى أن السارق المحترف، يكمل سرقته، بنهب ما أمكن له من الدفاتر التي تحتوي على الموجودات المسروقة، كجزء من عملية تضليل تستهدف أولئك الذين يوجهون الأسئلة، عن مصير الموجودات.

ولهذا السبب وضع الأسدان الأب والابن، استراتيجية يمكن أن نطلق عليها توصيف ''استراتيجية الصمت الاقتصادي''، وهي تقوم على إعلان الإنفاق العام في الموازنات السنوية، مع ''الإعلان'' عن ناتج وطني وهمي بلا دفاتر ولا سجلات، وبلا اقتصاديين سوريين يتحدثون عنه، وبلا نواب للشعب (إن وجدوا أصلا بصورة شرعية) يوجهون الأسئلة حوله. ولأن الأمر كذلك، لم يظهر مسؤول واحد على الساحة الدولية، بما في ذلك المسؤولون في المؤسسات الدولية الاقتصادية المعروفة، مستعد لقراءة موازنة واحدة من الموازنات السورية على مدى أربعة عقود، وكان هؤلاء يتعاطون مع الاقتصاد السوري وفق تقديراتهم، وليست استنادا إلى ما توزعه السلطة من معلومات لا قيمة لها.

وعلى الرغم من أن محمد الشعار وزير اقتصاد بشار الأسد، كسر ''استراتيجية الصمت الاقتصادي''، إلا أنه لم يستطع أن يستقطب أية جهة ذات قيمة ومصداقية، يمكنها أن تمنح أرقامه الخاصة بالناتج الوطني (المحلي)، أي شكل من أشكال المصداقية. فقد فضح نفسه ومعه السلطة التي يتحدث باسمها، قبل أن ينتهي من خطابه الذي ألقاه في ''الملتقى الوطني للإصلاح الاقتصادي''، الذي تنظمه السلطة نفسها! والحقيقة أن الأسد كان يريد من خلال خطة ''كسر'' الاستراتيجية عبر وزير اقتصاده، أن يمهد الطريق ''نفسيا'' لخطة جديدة تضاف إلى الخطط الاقتصادية ''الصبيانية'' الأخرى، التي أطلقها منذ اندلاع الثورة الشعبية السلمية العارمة في البلاد. وهذه الخطة تهدف إلى رفع الدعم الحكومي عن المواد الاستهلاكية الأساسية. ولأن الأمر كذلك، فقد بدأ الأسد الخطة فعلا، من خلال الإعلان بأن الاقتصاد السوري يمر بحالة طوارئ. بل مضى أبعد من ذلك، حين أوعز للشعار ليقول ''من واجب البنك المركزي دعم مشتريات الدولة، وليس حاجات المواطن''! وهو من دون أن يدري، أكد مجددا أن البنك المركزي السوري ليس مركزيا؛ لأنه وُجد لدعم مشتريات الدولة، التي اختصرها الأسد الأب والابن في عائلة واحدة.

''أشكر'' وزير اقتصاد الأسد، لأنه ذكرني بقول للفيلسوف والمؤلف الأمريكي المثالي هنري ثورو عن الحمقى. ماذا قال؟ ''أي أحمق يمكنه أن يضع القوانين، وأي أحمق آخر يقبلها''. وكان وليام شكسبير الأديب الإنجليزي سبقه، عندما قال ''الأحمق يظن نفسه أنه حكيم، لكن الحكيم يعتقد نفسه أنه أحمق''. لقد عزز الأسد مرة أخرى الاعتقاد بأن الثورة السورية، أدخلته في عالم لا ينتهي من الاضطراب والفوضى والتخبط في صنع القرارات. فقد أضاف (في تسويقه المبدئي لرفع الدعم عن المواد الاستهلاكية)، آلية جديدة إلى الآليات التي تعج بها سورية، لإنهاء نظامه إلى الأبد. فلا يوجد حاكم له من الحكمة حدها الأدنى، يمكن أن يفكر في هذه الخطوة، حتى وإن كان يعيش استقرارا سياسيا، فكيف الحال وسقوط الأسد المتوقع بات قاب قوسين أو أدنى؟ والمؤكد أن بشار الأسد لا يقرأ التاريخ؛ لأن التاريخ هو حصيلة إجمالية لأشياء كان من الممكن تفاديها، وربما لا يقرأ أعوانه التاريخ أيضا. ليسترجعوا فقط الانتفاضات التي اندلعت ضمن محيطهم العربي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي؛ جراء قرارات مشابهة اتخذتها حكومات مصر وتونس والجزائر والأردن.

لا أعرف من اقترح على الأسد البدء بتسويق حملة رفع الدعم عن المواد الأساسية (الخبز والرز والسكر والزيت من بينها)، وأيا كان هذا المستشار ''النابغة''، فهو يستحق الشكر والثناء من الشعب السوري الذي يواصل ثورته السلمية، ويستحق أيضا توصيف ''مندس اقتصادي''. وأنا أقترح (إذا ما عُرف هذا المستشار) ألا يحاكم بعد زوال الأسد وسلطته. إنه بخطته هذه يُسرِع استكمال الثورة السورية؛ لأن ما بدأته هذه الثورة يمكن ببساطة أن ينهيه الاقتصاد. أليس العصيان المدني في البلاد بات على الأبواب؟

فلكلور اقتصادي سوري

(هذا المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")






''كما يمكن من خلال الصوت معرفة إذا ما كانت السفينة متشققة أم لا. يمكن من الخطابات معرفة إذا ما كان قائلوها حكماء أم حمقى''.
ديموستيني ـــ رجل دولة إغريقي



كتب: محمد كركوتــــي

لفتني تعليقان متناقضان لقارئين علقا على تصريحات لي لموقع ''العربية نت'' حول نية السلطة في سورية تحويل المعاملات التجارية من اليورو إلى الروبل الروسي، كـ ''عقاب'' أحمق من الأسد للاتحاد الأوروبي بسبب العقوبات التي يفرضها عليه. الأول قال ''إن فكرة وليد المعلم وزير خارجية الأسد، بمحي أوروبا من الخارطة، يمكن أن تتحقق من خلال انفراط السبحة الأوروبية، الذي قد يؤدي إلى انهيار اليورو''، والثاني قال مستغرباً ''حتى الروس أنفسهم يستخدمون الدولار واليورو في تجارتهم، سنأتي نحن ونقبض روبل!''. الأول، اعتبر أن الخطوة السورية ستساعد في تحقيق ''فكرة'' المعلم! والثاني (رغم بساطة طرحه) استند إلى حقيقة اقتصادية لا تحتاج إلى إقتصاديين للكشف عنها أو إبرازها، وهي، كيف يمكن استبدال عملات قوية وثابتة ومضمونة، بعملة ضعيفة ومهزوزة؟! وإذا أردت أن أضيف شيئاً إلى ما قاله القارئ الثاني، أقول: إن الحماقة الاقتصادية هي مولودة طبيعية للحماقة السياسية عند السلطة السورية، يضاف إليها عامل رئيس آخر هو الفساد الاقتصادي بكل أنواعه (النهب المنظم والفوضوي في مقدمته) على مدى أكثر من أربعة عقود.

وللإنصاف لم يتخذ الأسد الأب الذي ألغى الاقتصاد السوري بمفهومه العام، قرارات مماثلة بتغيير عملات المعاملات التجارية، على مدى ثلاثة عقود حكم فيها البلاد، على الرغم من أن سلطته كانت تخضع أيضاً لعقوبات دولية مختلفة، باعتبارها سلطة لا تملك شرعية، وحاضنة رئيسة للإرهاب. لكن الأمر ليس كذلك عند الأسد الابن، الذي يعبر عن غضبه بآليات تحاصره ومعه أعوانه، وتزيد هموم وخراب اقتصاد بات خاصاً أكثر من كونه وطنياً. لقد تحول استبدال العملات في المعاملات التجارية في عهد بشار الأسد إلى ''فلكلور اقتصادي'' يثير سخرية بلا حدود، مع اضطراب مهيمن في صنع القرار الاقتصادي. فقد سبق أن قرر وقف التعامل بالدولار الأمريكي كرد على العقوبات الأمريكية عليه، واستبدله باليورو، والآن يريد استبدال اليورو! ولا أدري إن صوتت روسيا (مثلاً) ضد الأسد في مجلس الأمن الدولي، هل سيقوم باستبدال الروبل الروسي بالريالات الثلاثة الفنزويلي واليمني والإيراني (أو أحدها) مثلاً؟!

والحقيقة، أن هذه القرارات التي تتخذها السلطة في سورية، لا تخرج عن كونها ''فقاعات إعلامية''، تماماً مثل الفقاعات التي تُحدِثها قرارات الإصلاح السياسي في البلاد. والفقاعات الثقيلة تنفجر عادة فوق رأس مطلقها، وهذا ما حدث فعلاً، عندما قرر الأسد وقف التعامل بالدولار الأمريكي، وكذلك الأمر بالنسبة لليورو. وكنت قد قلت في تصريح سابق ''إذا كان الأسد يعتقد أنه بتحوله إلى الروبل سيؤذي أوروبا، فهذا يثبت مجدداً أنه يتصرف سياسياً واقتصادياً خارج الواقع تماماً''، فحجم التجارة السورية ليس كبيراً بما يكفي ليؤثر على عملة مثل اليورو. والناتج الحاصل من ''الفلكلور'' والفقاعة، ليس أقل من خسارة السوريين في عمليات تبديل العملات، وهو أمر يحاول أي تاجر تفاديه. وعندما أوقف الأسد التعامل بالدولار، وجد التجار السوريون طرقا التفافية على هذا القرار. وللتذكير فقط، فقد اعترف حاكم المصرف المركزي السوري أديب ميالة علانية، بأنه أخفق في تطبيق هذا القرار.

والمتابع العادي يستطيع أن يصل إلى استنتاج واضح، بأن التحول إلى عملات غير مستقرة (والروبل في مقدمتها)، ليس سوى حركة اقتصادية صبيانية. والمثير للسخرية، أن هناك في سورية من طالب بالتحول إلى الروبية الهندية! وهذا يدفعني إلى أن أقترح على الأسد، أن يعتمد سلة عملات الدول التي تقف عثرة في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي لحماية المدنيين السوريين من حرب الإبادة التي يشنها عليهم. ولأنني أعرف أنه مشغول بقيادة هذه الحرب، أسهل عليه الأمر، بأن يضع في هذه السلة عملات البرازيل والهند وروسيا والصين ولبنان وجنوب إفريقيا. ولمزيد من التنويع، أقترح أيضاً إضافة عملات إيران وفنزويلا واليمن والجزائر، مع مقاطعة عنيفة للدينار الليبي. ولأنه مشغول في حربه، ألفت انتباهه إلى أن حجم تداول الروبل الروسي اليومي في الأسواق العالمية، يقل عن 1 في المائة، ولأنه يهدد أيضاً باستخدام اليوان الصيني، أقول له: إن هذه العملة ليست قابلة للتحويل كلياً. إن السلطة في سورية أخذت شعبها واحتياجاته المعيشية كرهينة، وهي تحكم القبضة عليه من خلال قرارات اقتصادية مريعة، إلى جانب مدرعاتها وطائراتها وسفنها الحربية ودباباتها ومدفعيتها وشبيحتها.

سأعتبر أن الأسد لا يعرف (وهو أمر مستحيل ليس من فرط الذكاء، ولكن من فرط نفي الحقيقة)، وأتبرع له بمعلومات ''سرية''. فسورية تحتاج سنوياً لاستيراد أكثر من مليوني طن من الذرة، و300 ألف طن من الأرز، و800 ألف طن من الشعير، وآلاف الأطنان من السكر، وعمليات الاستيراد هذه لا تتم إلا بعملات لها قيمتها ووزنها وحصانتها وفي مقدمتها الدولار الأمريكي واليورو. وللأسد أيضاً أقول: قبل هذا وذاك، تحتاج سورية إلى الحرية، تلك التي يسعى إلى جلبها شعب عن طريق ثورة استثنائية في التاريخ، ثورة سلمية شعبية عارمة.

عناوين اقتصادية سورية غريبة

(المقال خاص بجريدة "الاقتصادية")







''اكتب دائماً رسائل غاضبة إلى أعدائك.. لكن إياك أن ترسلها''
جيمس فالوس ـــ كاتب وصحافي أمريكي



كتب: محمد كركوتــــــي
 
بالطبع لا يوجد عنوان سوري يقارع العناوين السورية الأخرى بالفكاهة الميلودرامية، مثل العنوان ــــ التصريح التاريخي لوليد المعلم وزير خارجية بشار الأسد، الذي قرر فيه ''محو أوروبا عن الخارطة''، دون أن يعرض على الحاضرين الباسمين بالطبع طرازاً من ''الممحاة'' التي سيستخدمها في إزالة هذه القارة، إذا ما كانت العملية تقليدية، ومن غير أن يستعرض طبيعة مفتاح الـ Delete، إذا ما كانت إلكترونية متطورة. ربما اعتبرها أسلحة استراتيجية لا يجوز عرضها على الملأ، خصوصاً أنه ــــ كما رئيسه ـــ ملتزم التزاماً تاريخياً، بالمبدأ الوحيد لدى السلطة في سورية ''الاحتفاظ بحق الرد''، وهو ''حق'' مجمد إلى الأبد، ما عدا الرد الوحشي على الثورة الشعبية السلمية العارمة التي تجتاح البلاد. هذا العنوان، فتح شهية من يرغب في توقع طبيعة الرد من خلال عقوبات سورية على أوروبا تشمل، حظر تصدير الصابون الحلبي (ومعه الزعتر)، أو البرازق الشامية، أو الناطف اللاذقاني (يُستخدم كطبقة حلوة المذاق فوق الكرابيج)، أو المعجوقة الحمصية، أو الجبنة القديمة المعروفة باسم الشنكليش ومعها الجبن البلدي (خصوصاً لفرنسا)!

وهناك من يرى تنافساً واضحاً بين عنوان المعلم، وعنوان آخر أطلقه رامي مخلوف (ابن خال الأسد الذي يمتلك أكثر من 60 في المائة من الاقتصاد الوطني)، في زحمة استهدافه (وأعوان الأسد) من قبل أوروبا والولايات المتحدة كأكبر ناهب للمقدرات السورية. ماذا قال؟ ''قررت التقاعد عن مزاولة الأعمال وإدارة المؤسسات، والتفرغ للعمل الخيري''! وقتها قلت في إحدى مقابلاتي التلفزيونية: ''لو كانت ماما تيريزا على قيد الحياة، وسمعت ما قاله مخلوف، لقررت هي التحول إلى إرهابية، ولا بأس أن تتحول إلى حرامية''. لكني لا أزال أعتقد، بأن المعلم يستحق كأس العالم في بطولة إطلاق العناوين، ويستحق مخلوف الكأس، ولكن في دورة أخرى.

والحقيقة أن أي وزير لدى الأسد، لم يقترب في عناوينه من ''جودة'' عنوان المعلم. ورغم أن حاكم المصرف المركزي أديب ميالة، استطاع أن يحقق تقدماً في ''موسوعة'' العناوين السورية، إلا أنه لم يتمكن من الميل نحو ''براعة'' المعلم. لكن هذا لا يقلل من عنوانه الطريف ''إن سورية محسودة على استقرار صرف عملتها الوطنية''، دون أن يعلن، إذا ما كان قد أحاطها بحجاب يمنع الحسد، والعنوان الآخر الظريف بعد موجة العقوبات الأوروبية على سلطة الأسد ''على الشعب السوري أن يأكل الخبز الأسمر، والاستغناء عن البسكويت''، ربما كانت لديه ''إحصائيات''، تفيد بأن هذا الشعب مصاب بداء السكري، لا بشعور المرارة. وميالة الميال للأسد إلى حد التوحد كداء، لا كحالة تضامنية، يهدد أوروبا (لكن لا يمحوها من الخارطة)، بأن سورية تخطط ''لاستبدال اليورو بالروبل الروسي في تعاملاتها التجارية الخارجية''، عقاباً لها على عقوباتها. ولمن نسي فقط.. كان هو نفسه من قام بوقف التعامل التجاري في عام 2005 بالدولار الأمريكي، واستبداله باليورو، رداً على العقوبات الأمريكية التي فرضت على السلطة، في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. الذي حدث وقتذاك، أن التجار السوريين التفوا بطرق مختلفة على هذا القرار، وواصلوا التعامل بالدولار. ولكي يدب ''الرعب'' في قلب أوروبا قال: ''إن الروبل واليوان الصيني سيضافان إلى الجدول اليومي الصادر عن البنك المركزي السوري حول أسعار العملات الأجنبية''.
ولأن سلطة بشار الأسد خائفة على مصيرها من الثورة الشعبية، وكذلك الأمر بالنسبة لأعوانها، فقد أوقع حاكم المصرف ''المركزي'' نفسه بمجموعة من التصريحات ـــ العناوين. فالمعروف أن حكام المصارف المركزية في أي مكان، من أكثر المسؤولين شحاً في التصريحات. وفي الوقت الذي يخوض فيه ميالة حرباً على المضاربين على العملة، لم يتردد في القول: ''إن هناك خمسة مليارات دولار مخصصة لدعم سعر صرف الليرة، صُرف منها ما يعادل مليارين''، وهو بذلك كشف أوراقه في عز حربه هذه! ومن جملة عناوينه ''اللذيذة'' أن ''الاحتياطي النقدي في المصرف المركزي يصل إلى 17 مليار دولار''، والأمر لا يحتاج لخبراء في الاقتصاد لمعرفة أن السرقات الكبرى التي ارتفعت وتيرتها في أعقاب الثورة على الأسد، أوصلت الاحتياطي إلى ما يقرب من 12 مليار دولار. ويقول أيضاً ''إننا لا نطبع الأوراق النقدية دون رصيد''، لكن الرد يأتي من المؤسسات الأجنبية برفض قبول الأوراق النقدية السورية من فئتي الألف والـ 500 ليرة. ومن العناوين الاقتصادية السورية الفكاهية، قرار بحظر استيراد 25 في المائة من الواردات، وقرار آخر في غضون أقل من أسبوع يلغي القرار الأول!
لا أعرف ماذا سيكون عليه الشكل العام ''لإنتاج'' العناوين ـــ التصريحات السورية في الأيام المقبلة. ربما نسمع عن حظر سوري على تصدير الطائرات للولايات المتحدة، والسيارات لألمانيا، والسفن لبريطانيا، والشاحنات لفرنسا، وأجهزة الكمبيوتر لليابان، والورق لفنلندا، والأحذية لإيطاليا. خصوصاً إذا ما ضرب الحظر السوري على تصدير البقلاوة والصابون والمعجوقة والناطف واللبان والجبنة البيضاء، قلب الاقتصاد الأوروبي!